بشيءٍ فصدّقوه"، أو: "فأعطوه"، أو: "فهو صادق" = فوصيَّةٌ، قاله صاحب «البحر»، ولي في المسألة بجملتها كلام طويل ذكرته في «الطبقات» في ترجمة ابن المنذر (١).
وكم لابن المنذر من فائدة منقولة عنه، وغريبة لم تُعرف إلا منه!
أليس هو المقيّد لكون إذن البكر في النكاح صماتها: بما إذا عَلِمَت قبل الإذن أنَّ إذنها صماتها، وهو تقييد متعيّن لم نره لغيره.
أليس هو الناقل عن الشافعي فيمن سافر لمسافة القصر، ثم رجع لداره في حاجة قبل أن ينتهي إليها: أنَّ الأحبَّ له (٢) أن يُتِمَّ، وإن جاز القصر؛ خروجًا من خلاف سفيان الثوري، والمعروف في المذهب إطلاق القول بأن القصر أفضل، ولكن إذا انفرد إمام بنقل قيد تقبله القواعد تعين قبوله وإن كان غريبا في النقل.
فلله در الشيخ أبي علي، وإن انفرد بنقله في «شرح التلخيص» عن أبي إسحاق: أَنَّ مَنْ من رهن جاريةً ذاتَ ولد صغير (٣)، وله غيرها = كُلَّفَ قضاء الدين من غيرها، ولا تُباع؛ لأنَّ بيعها دون الولد تفريق بلا ضرورة (٤).
ومثله قول الحليمي في «منهاجه»: «إنَّ تمنّي الكفر لا يكون كفرًا إلا إذا كان على وجه الاستحسان له؛ بخلاف تمنيه للعدوّ استقباحًا»، وهذا باب واسع فلنمسك (٥).
(١) انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: (٣/ ١٠٦). (٢) قوله: (له) زيادة من ز، ك، ص، ق. (٣) قوله: (صغير) زيادة من م، س. (٤) زاد في ص، م، س: (وعزاه إلى أبي إسحاق المروزي)، وقد سبق أول النقل أنه نقله عنه. (٥) انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: (٣/ ١٠٣) و (٤/ ٣٤٧، ٣٤٣).