للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا ينبغي أن يُغترَّ بما فهم عن النووي في «الأذكار» من ردِّها، فإنه اقتصر على رواية الترمذي، ورأى قول العقيلي: «ليس فيها حديث صحيح ولا حسن»، والظنُّ به أنه لو استَحْضَرَ تخريج أبي داود لحديثها وتصحيح ابن خزيمة والحاكم؛ لما قال ذلك (١).

ولم يحسن من ابن الجوزي ادعاؤه أن حديثها موضوع (٢).

وقد كان عبد الله بن المبارك يواظب عليها، غير أنه كان يُسبِّح قائما قبل القراءة خمس عشرة مرة، ثم بعد القراءة عشراً، ولا يُسبِّح عند رفع الرأس من السجود، وهذا يغاير حديث ابن عباس ، فإنَّ الذي فيه أنَّ الخمس عشرة بعد القراءة، والعشرة بعد الرفع من السجدتين، وجلالة ابن المبارك توقف عن مخالفته، وأنا أُحِبُّ العمل بما تضمنه حديث ابن عباس ، ولا يمنعني من التسبيح بعد السجدتين الفصل بين الرفع والقيام، فإن جلسة الاستراحة حينئذ مشروعة، فلا يُستنكر الجلوس للتسبيح في هذا المحل.

وينبغي للمتعبد أن يعمل بحديث ابن عباس تارةً، وبما عمله ابن المبارك أخرى، وأن يفعلها بعد الزوال قبل صلاة الظهر، وأن يقرأ في كل ركعة بعد «الفاتحة» تارةً من طوال (٣) المفصَّل، وتارةً الزلزال (٤) والعاديات وسورة الفتح (٥) وسورة الإخلاص، وتارةً ﴿أَلْهَاكُمُ﴾ والعصر و ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾.


(١) وقد ذكر النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» أنها سنة حسنة، انظره: (٣/ ١٤٤).
(٢) انظر: الموضوعات لابن الجوزي: (٢/ ١٤٣).
(٣) في ظ ١، ظ ٢: (بطوال) والمثبت من بقية النسخ.
(٤) كذا في (ك)، وفي سائر النسخ: (الزلازل).
(٥) المراد: سورة النصر.

<<  <   >  >>