وليس مخالفًا لجزمه في «باب التفليس» بوجوب بيع مال المفلس بنقد البلد حالا، ثم إن كانت الديون من غير جنس ذلك النقد ولم يرض المستحقون إلا بجنس حقهم … إلى آخر ما ذكره (١)، وقد ذكرنا هذا المكان في «التوشيح» فلا نعيده (٢).
ومنها: أن يكون كلُّ واحدٍ منهما مطلقًا، غير أنَّ القرائن تدلُّ على تقييد كل منهما بقيد ينافي الآخر، فلا مخالفة، بل لكلِّ محلّ، وهذا سواء كانا مقصودين وفي مظنتهما أم لا.
مثاله: قول الرافعي في «باب السير»: «يجوز سبي (٣) منكوحة الذمي»، مع قوله في «باب الجزية»: «إنَّ عقد الذمَّة يَسْتَتْبَعُ الزوجة»(٤)، فقد قال ابن الرفعة (٥): «محلُّ ما في «الجزية» زوجته الموجودة حين العقد، أو الداخلة تحت القدرة، وما في «السير» زوجته التي تزوجها وتركها في دار الحرب، أو فيمن لم تدخل تحت القدرة»، وهذا صحيح، وليس هو من التناقض في شيء.
ومثله: قال في أثناء (٦)«السير» فيما إذا أفلتوا الأسير على أن يبعث إليهم مالا: «إنه لا يجب بعثه»، وقال في آخر الباب: «لو قال الأسير للكافر: "أطلقني على كذا"، ففعل؛ لزمه ما التزم» (٧)، فمحلُّ الأول إذا مكنوه من الخروج وشرطوا
(١) انظر: الشرح الكبير: (٥/ ١٩). (٢) زاد في ك: (هنا). (٣) في ظ ١، ٢: (سكنى)، والمثبت من بقية النسخ. (٤) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٤١٥) و (٨/ ٨٦). (٥) انظر: أسنى المطالب: (٤/ ١٩٤). (٦) في ز: (باب) بدل: (أثناء). (٧) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٤٦٥)، كفاية النبيه: (١٧/ ١١٢).