بخلاف عدم دخول الدار، فإنَّ التمسك فيها بالأصل مستقيم، ومن ثمَّ عينه بعض الأصحاب، وذهب إلى إلقاء العتق عليه؛ حذرًا من نفي النقيضين أو إثباتهما، ووضح بهذا أن مسألة الدخول ليست في «الرافعي»، ولا يخفى على المحقق أنه لو اطلع عليها لما أهملها، فإنها شديدة الارتباط بما ذكره، وأما ابن الرفعة فلم يذكر في (المطلب) في العتق واحدةً من المسألتين.
ومثله: قد يقع في الأذهان أنَّ المرأة الخرساء تلاعِنُ كالرجل الأخرس، اغترارًا بالموجود في «الرافعي» وغيره من كتب المتأخرين أن الأخرس يلاعن، مع أنهم لم يصرحوا بمسألة الخرساء، وإنما نقلها صاحب «التتمة» وغيره عن أبي حنيفة (١)، والذي نص عليه الشافعي - كما نقله ابن القطان - أنها لا تلاعن؛ إذ لا ضرورة لها باللعان، بخلاف الرجل، لكن قال ابن القطَّان من قِبَل نفسِهِ:«الأشبه بأصولنا أنها تلاعن».
ومن الغريب: احتمال وجهين لابن القطان فيما لو لم يكن في القرية إلا أربعون أخرس، هل تجب عليهم الجمعة (٢)؟
ومثله: أطلق - والأكثرون - في النفقات: أنَّ مَنْ مَلَكَ دابَّةٌ كان عليه علفها ونحوه، وكذا كلُّ مَنْ مَلَكَ حيوانًا (٣)، ولم يصرّح بنفقة العين المستعارة، أهي عليه لكونه مالكًا، أم على المستعير لكونه منتفعا (٤)؟ بل كلامه مطلق، ويؤيد أنها على المالك قوله في باب العارية: إذا أعاره دابَّةً ليعلفها كان إجارة فاسدةً،
(١) انظر: الشرح الكبير: (٩/ ٣٩٧). (٢) انظر: النجم الوهاج: (٨/ ١٠٦) و (٢/ ٤٦٣). (٣) انظر: الشرح الكبير: (١٠/ ١١٥). (٤) زاد في ز، ص: (بها).