وأطال الرافعيُّ في تفريع هذا، وقال في الموسرين:«إن قلنا بتعجيل السراية عتق العبد؛ لتحقق حنث أحدهما، والسراية عليه، والولاء موقوف، وإن قلنا بتوقف السراية على أداء القيمة لم يُحكم بعتق شيء منه، والحكم كما في المعسرين»(١)، انتهى مُلخّصاً.
وإن لم تكن هي تلك المسألة فقد فاتت الرافعيَّ بالكلية، ولا يُستغرب فوات مسألة له وإن كانت شهيرة، فإنَّ مِثلَه كثير، ولكن يُستحسن ذكر هذا لكونه ذَكَرَ نظيرها، أو ما لعل الذهن يتخيل أنها هي، فيحسن التنبيه عليه.
فإن قلت: ما هي إلا هي، وغايته حذف بعض خلافٍ وزيادة، ومثله كثير.
قلتُ: حسبك - إن كنت قاصر النظر في معرفة خطئك في الحكم بأنها هي - أن تعلم أنَّ الأصحاب اختلفوا كما نقل القاضي أبو سعد في «الإشراف»، فمن قائل: إنها هي، ومن فارِقٍ، وما اختلفوا إلا وهناك شيء.
فإِن أَبَيْتَ إلا (٢) سلوك سبيل المحققين والإحاطة به فنقول في البيان: الفرق بينهما هو الصواب؛ لأنَّ احتمال كون هذا الطائر غرابًا وكونه طائراً آخَرَ غير غراب سواء، فلا يصح التمسك فيه بالأصل، إذ ما من نوع من الطائر إلا ويقال فيه: إنه ليس هذا، فيكون استعمال الأصل في هذا الطائر منعكسا في نفسه؛ لأنك إن قلت: الأصل أنه غير غراب، فكذلك الأصل أنه غير حمام، وأنه غير باز، وأنه غير هدهد، وهكذا إلى أن تنتهي إلى عدد كل طائر، وكلُّ شيء انعكس بنفسه لم يصح التمسك به، فوضح أنه لا اعتماد على الأصل في المسألة الغرابية.
(١) انظر: الشرح الكبير: (١٣/ ٣٣٨). (٢) أشار في حاشية ظ ١ إلى نسخة: (فإن أتيت إلى).