والحاصل: أنَّ الشهادة بأنهما شاهِدًا زُورٍ مقبولة للإيقاف عن إثبات الحق المدَّعَى، لا لجرح مَنْ شَهِدَ بالحق، وقد أَطَلتُ في بيان ذلك في كتاب «الأشباه والنظائر».
وذكر القاضي أبو سعد أنَّ الشاهد لو قال:"أنا مجروح " قُبِلَ، يعني: وإن لم يُفَسِّر، وبه صرّح الماوردي في (الحاوي)، والروياني في «البحر»(١).
قلتُ: وفيه نظر إذا كان قد أدى شهادةً تعلَّق بها حَقٌّ غيره.
ومثله: إذا قال أحد الشريكين في عبد: «إن كان هذا الطائر غرابًا فنصيبي حر»، وقال الآخر:"إن لم يكن فنصيبي حر"(٢)، ففي نقل الرافعي عن ابن سريج نقص (٣)، وفي الفرع نفسه اعتياص (٤)؛ فإنَّ الرافعي (٥) صوَّرَهُ على وجه غير المُصَوَّرِ به عند غيره، فأذكُرُ الفرع ملخصا فأقول:
إذا قال أحد الشريكين في العبد: «إن لم يدخل الدار غدًا فنصيبي منه (٦) حر»، وقال الآخر:"إن دَخَلَها غدًا فنصيبي منه حُرّ"، ومضى الغد وهما متفقان على الجهل بحقيقة الحال، فهذه مسألة كبيرة مسطورة لقدماء الأصحاب، وليست مع ذلك بعينها في شيء من تصانيف الرافعي والنووي وابن الرفعة، ولا شك أنَّ
(١) انظر: حاشية الشرح الكبير: (١٢/ ٥٠٦)، أسنى المطالب: (٤/ ٣١٢). (٢) انظر: الشرح الكبير: (١٣/ ٣٣٧، ٣٣٦) و (١٣/ ٣٦٩). (٣) في ظ ٢: (يعتق). (٤) في ظ ٢: (اعتراض). (٥) زاد في ك: (نفسه). (٦) قوله: (منه) ليس في ظ ١، ظ ٢، ق، والمثبت من بقية النسخ.