للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا في الأكثر» (١).

وتظهر فائدة هذا فيما لو وجدنا ذلك المفتي قد ذكر في مصنفه في المذهب خلاف ما أفتى به، فنعتمد المصنف في المذهب، فعلى هذا نُقدِّم ما في «تعليقة القاضي الحسين وتصانيف (٢) القفَّال، و «شامل ابن الصباغ»، و تهذيب البغوي»، وأنحاء ذلك على ما في فتاويهم عند التعارض.

وكأن السر في ذلك أنَّ كتب المذهب موضوعةٌ لذكر ما هو الأمر الكلي الذي يشترك فيه جميع الناس وحوادثهم، وأما الفتاوى فهي لتنزيل ذلك الكلي على الجزئي، وقد تختلف الأوقات والأحوال في التنزيل، فلسنا منها على ثقة.

وهذا - كما قال - إنما هو في بعض المسائل دون أكثرها، وهو لا يخفى إن شاء الله على مطّلع على المذهب عارف بأسراره، يجد ما يخالف عمود المذهب وقاعدته، فلا ينبغي أن يبادر إلى اعتماده، ولا إلى نسبة المفتي به إلى المخالفة؛ لاحتمال أنه في تنزيل الكلي على الجزئي في تلك الحادثة بخصوصها كان قد وجد فيها ما أوجب له تلك الفتيا، ولم نجده نحن.


(١) علّق ابن قاضي شهبة في حاشية ز: (قلت: هذه فائدة حسنة جدًا مفيدة، وقد يُسأل المفتي عن حادثة فيُطلق الجواب فيها بالمنع أو عكسه، لعلة بباطنها ولما تحققه، وتكون المسألة تحتاج إلى تفصيل أو تقييد صرح به الأئمة، لكن لو صرح به في الجواب لَجَرَّ ذلك ضررًا على المظلوم وضاع حقه، ولَرُبَّ مقصد صالح في إطلاق الجواب الذي ليس بمطلق في نفس الأمر، وقد نُقل نحوه عن ابن عباس كقوله: «من قتل عبده قتلناه» وأجاب بالمنع في وقت آخر، ثم بين قصده الحاكم من خط الشيخ زين الدين القرشي، ونظيره لما سئل ابن عباس عن توبة القاتل فقال: لا، ثم سئل عن آخر فقال: نعم، ثم بين مقصده كما ذكره الرافعي في [الـ .. ]).
(٢) زاد في ك، ق: (شيخه).

<<  <   >  >>