أحدٌ من أهل السنة الكسب بهذا، إنما قيل هذا في القدرة».
والإمام لم يقتصر على هذا، بل صرح في آخر كلامه بأن الكسب هذا مع قيام المرجح، والمرجح هو الكسب، وهذا غير خارج عن مذهب أهل السنة، بل هو قولهم، ولعلَّ الشيخ الإمام لم يتأمل آخر كلامه.
ووقع من الإمام فخر الدين هنا كلام طويل نقله الشيخ الإمام، وقال:«إنه نزعة فلسفية، وإنه لا يقول به مسلم ولا مِلِّي، وإنما يقول به من ينكر المعاد الجسماني»، وتأملتُ كلام الإمام فلم أجد ما هو صريح ولا ظاهر فيما فهمه الوالد عنه، بل غاية ما ذكر تنعم الأرواح، وأنَّ ذلك جزاء للكسب، وهذا لا ينكره مسلم ولا مِلِّي، إنما الذي ينكره المسلمون على الفلاسفة إنكارهم بَعْثَ الأبدان، وما في كلام الإمام ما يقتضي موافقتهم عليه فتأمله، وقد كفرهم لقولهم به مرات في مصنفاته، وهو خصمهم الأشد.
وربما تأمل الناظر آخر الكلام دون أوله - عكس ما قبله ــ كما اتفق للشيخ الإمام نفسه في قول «المنهاج»: «ولو عُيِّنت كفواً وأراد الأب غيره»(١)، كذا لفظ (المنهاج)(٢)، ومن خطّ النووي نقلته، وكان الوالد أيضاً ينقل من خطّه، ومع ذلك قال:«محل الخلاف في المجبر، أما غيره كالأخ إذا عين غير من عينته فهي التي تُجاب قولا واحدًا»، ولا حاصل لقوله:«محل الخلاف في المجبر»(٣)
= شمس الدين الجويني ﵀. (١) علق ابن قاضي شهبة في حاشية ز: (قلت: ذلك في الأصح). (٢) انظر: منهاج الطالبين ص ٢٠٧. (٣) جاء في حاشية ظ ٢: (هذا وهم من المصنف، فحصل له ما حصل لغيره، وإنَّ الذي قاله والده هو الحق؛ لأنه بعد زوال الإجبار كيف يعود؟ قاله ابن القطان).