للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وقفت على «فتاوى القفَّال» وليس فيها زيادة على هذا، وقد فهم منه الوالد أن أبا يعقوب يشترط لفظ "اختلعتُ" ليوافق "خالعتُ"، وهذا يدلُّ عليه قوله في حق المرأة: «لا بُدَّ أن تقول: اختلعتُ»، غير أنه يدفعه شيئان:

أحدهما: لفظ "الألف" في قول الرافعي: «قبلتُ الألف»، فإنه لو كان المراد اشتراط لفظ: "اختلعت" دون "قبلتُ" لم يحتج إلى ذكر الألف.

الثاني: أنه لو كان المراد توافق اللفظين لم يفرق بين المرأة والأجنبي.

فالذي أفهمه من هذا ما فهمه ابن الرفعة في «المطلب»: «وفرقٌ بين المرأة والأجنبي بأن الأجنبي لا يحتاج أن يقول: اختلعتُ؛ لأنَّ حظه منه قبول المال، فكفى، ولا كذلك الزوجة». يعني: فإنَّ الطلاق من حيث كونه واقعا عليها لها فيه حظ، فاشترط لفظ من قِبلها يدلُّ على قبول العقد بأن يُطلق: "قَبِلتُ" مطلقًا غير مُسنَدٍ إلى المال، أو "اختلعتُ "، وهذا الذي فهمته هو الذي فهمه أخي شيخُنا أبو حامد أحمد سلمه الله، فإني لما وقفت في كلام الوالد أرسلتُ سألته؛ لأستضيء (١) بفهمه، فوافقني على ما فهمته.

ومنها: إذا قال: "كلما وقع عليكِ طلاقي فأنتِ طالق"، ثم قال لها: "أنتِ طالق"، وهي مدخول بها؛ وقع الثلاث، قاله الأصحاب، وقال الشيخ الإمام في كتاب «أحكام كُل»: «هذا إن قلنا: العلَّةُ متأخرة عن المعلول، وإن قلنا: معه - وهو ما رجحه الرافعي، والنووي - فإن جعلنا "ما" مصدريَّةً غير ظرفية؛ فكذلك، وإن جعلناها ظرفيَّةً لم يقع إلا طلقتان؛ لأنها إذا كانت ظرفيةً فالمعنى: كل وقت، فإذا قال: "أنتِ طالق" وقع الطلاق المنجز وواحدة من المعلق،


(١) في ك: (لأستقصي).

<<  <   >  >>