قال:«وأفضل الإفراد أن يُنشئ لكلِّ من الحج والعمرة سفرًا يختص به من دويرة أهله، وأنَّ هذا أفضل من أن يأتي بالعمرة تبعًا»، هكذا صرح به في «باب دخول مكة»، وصرّح قبله في «باب الإحرام» بـ: «أنَّ الأفضل أن يُنشئ لكل منهما سفرًا من دويرة أهله، ودونه أن يأتي بهما في عام واحد إما مفردًا، أو قارنا، أو متمتعا»، انتهى.
وقضيته: أنه لو أنشأ لكل منهما سفرًا من دويرة أهله في عام واحد؛ لا يكون آتيا بالأفضل، وهذا فيما إذا قدَّم الحج ثم أتى بالعمرة بعد عشر ذي الحجة في تلك السنة، قد يقال به؛ لأنها عمرةٌ في أشهر الحج عند كثير من العلماء، وإن كانت أشهر الحج تخرج بعشر ذي (١) الحجة.
أما إذا كان قد قدم العمرة على أشهر الحج في العام الذي حج فيه، فقد صرح القاضي الحسين والإمام والغزالي (٢) بأنه إفراد، قال الشيخ الإمام:«وهو أولى باسم الإفراد من عكسه من جهة أنَّ العمرة خارجة عن أشهر الحج بالإجماع، بخلاف ما إذا وقعت في بقية ذي الحجة».
وإذا تأملت هذا عرفت أنَّ الشيخ الإمام لم يرد بقوله:«إِنَّ إتيانه بهما في عام واحد مرجوح» إلا الإتيان بهما في سفرة واحدة، أما إذا أتى بهما في سفرتين ولو في عام واحد، فليس بمرجوح، بل هو الأفضل، اللهم إلا أن يقال: إنَّ هذا يستدعي تقديم العمرة على الحج، وينبغي عكسه؛ اهتمامًا بالحج، أو وقوعهما في بقية الحجة، ويبقى على خلاف، فالأولى أن يكونا في عامين لهذا المعنى، هذا موضع نظر.
(١) قوله: (ذي) زيادة من ص، ق. (٢) انظر: نهاية المطلب: (٤/ ٢٢٢)، الشرح الكبير: (٣/ ٣٦٥).