للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولنا: «قولا بينا»: ونعتقد ذلك قولا بينا واضحا جليا، بل نعتقد اندفاع الخلاف فيه كما أشار إليه ابن سريج حيث نزل القولين على الحالتين.

واعلم أن ما رجحه الشيخان في المسألة الأولى من أنه لا يستحق شيئا يشبه ما أطلقه الأصحاب في «كتاب السير» من أن الإمام إذا قهر جماعة من المسلمين على الخروج إلى الجهاد لا تجب الأجرة لا على قطع المسافة؛ لأنها لم تحصل المقصود، ولا على نفس الجهاد؛ لأنه واجب على المسلم، فلا يأخذ عليه أجرة.

وفصل صاحب «التهذيب» فقال (١): «إن كان الجهاد متعينا على من أكره عليه (٢) فالأمر كذلك، وإلا فله الأجرة من حين أخرجه إلى أن يحضر الوقعة». واستحسنه الرافعي وقال (٣): «ليحمل عليه الإطلاق». واعترضه ابن الرفعة بأنه لا يتأتى إلا على قول الإصطخري والصيرفي في الحج أنه يقسط على السير وإن لم يكن أحرم، فلا يناسب ما رجحه هناك.

قلت: وهو محل نظر، يحتمل أن يجعل تحصيل المقصود بعد هذا السير كالموت بعد عمل بعض الأركان؛ لأنه قد جاهد وحصل الغرض، فلا يشبه مسألة الموت قبل الإحرام، بل الموت بعده، والصحيح عندهما فيها التقسيط (٤)، ويحتمل أن يقال: إن الجهاد هنا لما لم تصح مقابلته (٥) مع المسلم بالأجرة، فكأنه


(١) انظر: التهذيب: (٧/ ٤٥٧).
(٢) قوله: (عليه) من ظ ١، وليس في سائر النسخ.
(٣) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٣٨٦).
(٤) جاء في حاشية ظ ١، ز: (هذا كلام مختلط)، وعزاه ابن قاضي شهبة في حاشية ز إلى خط الأذرعي.
(٥) في ظ ١: (مقابله)، والمثبت من سائر النسخ.

<<  <   >  >>