للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المجلس (٥٤٠): فضل شرب ماء زمزم.

المجلس ٥٤٠ منه، وهو ٩٢٠ من أمالي سيدنا شيخ الإسلام

قال :

وقد قيل: إن هذا السند (١) سقط منه عبد الله بن المؤمل بين حمزة وأبي الزبير (٢).

وذكر الشيخ في «شرح المهذب» (٣) أن هذا الحديث أخرجه البيهقي بإسنَاد ضعيف، وقال: «تفرد به عبد الله بن المؤمل، وهو ضعيف».

قلت: ما رأيت لفظ: «وهو ضعيف» في نسخ البيهقي (٤).

وقد ضعفه الأكثر من قبل حفظه، واختَلف فيه قول ابن معين (٥).

وقد جزم الحافظ المنذري (٦) بأنه إسناد حسن، مع أنه ذكر ابن المؤمَّل في فصل الضعفاء في آخر كتابه (٧)، فكأنه إنما حسنه لشواهده -كما قلته أولًا-.

وأما قول العقيلي وابن حبان في كتابيهما في الضعفاء (٨): «إنه لا يتابع عليه»، فمرادهما من حديث جابر.

ويتعجب من الشيخ (٩) في اقتصاره على تخريج البيهقي، مع كونه في أحد الكتب الستة، و «مسند أحمد» (١٠).

وأخرجه -أيضًا- أبو بكر بن أبي شيبة في «مسنده» و «مصنفه» (١١) عن زيد بن الحباب، به، وعن سعيد بن زكريا،

وأخرجه الأزرقي (١٢) من طريق الواقدي،

وأخرجه المستغفري في كتاب «الطب» (١٣) من رواية سليمان بن مسلم، وخالد بن يزيد،

كلهم عن ابن المؤمل، وزاد خالد في آخره: «مَنْ شَرِبه لمرض شفاهُ الله، أو لجوع أشبعه الله، أو لحاجة قضاها الله».

وهذه الزيادةُ لا تعرف في حديث جابر، وإنما وردت في حديث ابن عباس الآتي، وَخَالدٌ هَالك (١٤).

وقد جاء هذا الحديث من وجه ثالث عن أبي الزبير:

أخبرني الشيخ الحافظ العابد أبو الحسن الهيثمي ، أنا محمد بن إسماعيل بن عمر، أنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، أنا عبد الله بن عمر الصفار -في كتابه-، أنا عبد الجبار بن محمد الفقيه، أنا أبو بكر بن الحسين الحافظ (١٥)، أنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو نصر بن قتادة، قالا: (١٦) ثنا معاذ بن نجدة، ثنا خلاد بن يحيى، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، قال: كنا عندَ جَابر، فذكره مثل الأول، مع زيادات.

ورواته موثقون، وقد اعتـ[ـرض … على … بأنه لم يتفرد به ا .... خرجه .... غيره عن] شيخه (١٧).

لكن قد قيل: إن ابن المؤمل سقط -أيضًا- بين إبراهيم وأبي الزبير.

وجاء من وجه آخر عن جابر:

أخبرنا الكمال أحمد [بن] عبد الحق -إذنًا مشافهة-، أنا الحافظ جمال الدين المزي -إجازة، إن لم يكن سماعًا-، أنا يوسف بن يعقوب الشيباني، أنا زيد بن الحسن، أنا أبو منصور القزاز، أنا الخطيب. ح

وأنبأنا -عاليًا- أبو علي المهدوي -إذنًا مشافهَة-، عن يونس بن أبي إسحاق -إجازةً، إن لم يكن سماعًا-، عن أبي الحسن بن المقير، عن الفضل بن سهل، عن الحافظ أبي بكر بن علي بن ثابت الخطيب (١٨):

أنا القاضي أبو محمد بن رامين -برَاء غير منقوطة، وميم خفيفة مكسورة-، قال: سمعت القاضي يوسف بن القاسم يقول: سمعت القاسم بن محمد بن عباد يقول: سمعت سويد بن سعيد يقول: رأيت عبد الله بن المبارك بمكة أتى بئرَ زمزمَ، فاستقى منها شربَة، ثم استقبل الكعبة، فقال: اللهم إن ابن أبي الموالي حدثني عن محمد بن المنكدر، عن جابر ، قال: قال رسول الله : «مَاءُ زمزم لما شرب له»، وهذا أشربه لعطش يوم القيامة. ثم شرب.

هكذا أخرجه الخطيب في ترجمة عبد الله بن المبارك من «تاريخ بغداد».

وأخرجه الحافظ أبو الوليد بن الدباغ في «فوائده» (١٩) من طريق الحافظ عبد الغني بن سعـ[ـيد] المصري، عن يوسف بن القاسم، به.

وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان»، في الباب الخامس والعشرين (٢٠)، من طريق جعفر بن أحمد بن الدهقان، عن سويد. وقال: «غريب من حديث ابن المنكدر، تفرَّد به سويد».

وذكر المنذري في «الترغيب» (٢١) أن إسناده صحيح.

وجمع صاحبه الحافظ الدمياطي جزءًا في زمزم، وساق فيه هذا الحديث من طريق سويد، وقال (٢٢): «هذا السند على رسم الصحيح، فقد أخرج مسلم لسويد، وأخرج البخاري لعبد الرحمن بن أبي الموالي، والباقون من رجال الصحيحين».

وتلقى ذلك عنه جمع من المتأخرين، وأطلق كثير منهم أن الدمياطي صححه، وليس بجيد منهم، فقد نبه ابن الصلاح في مقدمة «شرح مسلم» على أن من حكم لحديث بأنه صحيح لأن مسلمًا أخرج لرجاله فقد أخطأَ، لأن ذلك يتوقف على أمور، منها: أن يكون احتج بكل منهم، وأن يكون الراوي منهم لم يُضعَّف في شيخه -وإن كان في غيره ثقة- (٢٣).

والأمر في سويد كذلك، لأن مسلمًا ما احتج به، وإنما أخرج له ما توبع عليه، وقد اعتذر مسلم لأبي زرعة لما عاتبه على تخريجه لسويد بذلك.

وبالله التوفيق.

آخر المجلس ٥٤٠ من تخريج أحاديث الأذكار، وهو ٩٢٠ من الأمالي المصرية، و ١٧ بدار الحديث، في ١٨ القعدة، سنة ٨٤٩.

* * *


(١) يعني: رواية حمزة الزيات عن أبي الزبير، المار تخريجها آخر المجلس السابق.
(٢) قال المؤلف في «جزئه» في الحديث (ص ٢٦٥): «وأخطأ فيه راويه، إنما هو عن عبد الله بن المؤمل، فهو المتفرد به»، وهذا يحتمل تخطئة من جعله لحمزة، أو القول بسقوط ابن المؤمل بينه وبين جابر، ويؤيد الثاني كلام المؤلف هنا، وما سيأتي من الكلام في رواية إبراهيم بن طهمان.
(٣) (٨/ ٢٦٧).
(٤) لعله انتقال نظر في نُسَخ «المجموع» من حديثٍ آخر ذكره النووي قبل هذا الحديث، ونقل فيه عن البيهقي عينَ ما نقله في هذا، وتضعيفُ البيهقي فيه ثابت. لكن يحتمل أن ما في «المجموع» مقصود للنووي، وأنه جمعٌ منه بين قولَي البيهقي بالتفرد والتضعيف وإن كانا في الأصل مفترقين، أو هو تعقيبٌ منه عليه لا نقلٌ عنه.
(٥) مرَّ في المجلس السابق قول المؤلف: «وهو ضعيف عندهم من قبل حفظه».
(٦) «الترغيب والترهيب» (٢/ ٢١١).
(٧) (٤/ ٥٧٣).
(٨) «الضعفاء» (٢/ ٤٠٩)، «المجروحين» (٢/ ١٨٥).
(٩) يعني: في «المجموع» لا هنا.
(١٠) كما مر في المجلس السابق.
(١١) «المصنف» (١٤٧٠٧، ٢٥٢٧٤)، ولم أره فيما بلغنا من «المسند».
(١٢) «أخبار مكة» (٦٦٩).
(١٣) (٤٠٢، ٤٠٣)، ووقع فيه: «سليم بن مسلم».
(١٤) انظر: «لسان الميزان» (٣/ ٣٤٥).
(١٥) «السنن» (١٠٠٨١).
(١٦) سقط على المؤلف أو الناسخ هنا شيخُ شيخَي البيهقي، وهو أحمد بن إسحاق بن شيبان.
(١٧) عبارة ملحقة في الحاشية الداخلية، وقد اختفت عامة كلماتها بسبب تمزق الورقة والترميم والتجليد. والذي وجدت هنا اعتراض ابن التركماني في «الجوهر النقي» (٥/ ١٤٨) على حكم البيهقي المنقول آنفًا بتفرد عبد الله بن المؤمل بالحديث عن أبي الزبير، مستندًا في ذلك إلى متابعة إبراهيم بن طهمان هذه. وسيتعقب المؤلف ذلك الآن.
وهذه صورة الموضع من مصوَّرتين مختلفتين للأصل:
(١٨) «تاريخ بغداد» (١١/ ٤٠٥).
(١٩) لم أقف على هذه الفوائد، ولا ذكرها المؤلف في «مجمعه» و «معجمه»، وإنما نقل عنها بعض قدماء أهل الأندلس، أما السيوطي فلعله استفاد من هنا عزوَ هذا الحديث إليها في «الدر المنثور» (٧/ ٢٨١). والحديث في «فوائد عبد الغني الأزدي» نفسه (١٨)، وكذا في «أمالي يوسف بن القاسم الميانجي» نفسه مجموع ٦٤ عمرية].
(٢٠) (٣٨٣٣).
(٢١) (٢/ ٢١٠)، وفي سياقه إشكال، فانظر: «عجالة الإملاء» (٣/ ١٩٨).
(٢٢) نقله عنه المؤلف في «جزئه» (ص ٢٧٣)، و «النكت على ابن الصلاح» (١/ ٢٧٤)، وشيخه ابن الملقن في «البدر المنير» (٦/ ٣٠١).
(٢٣) الذي في «صيانة صحيح مسلم» (ص ٩٤ - ٩٩) ليس فيه هذا التفصيل، وقد عبَّر عنه المؤلف بسياقٍ أدق في «جزئه» (ص ٢٧٣) -وبنحوه في «النكت» (١/ ٢٧٥) -، فقال: «وقد نبه ابن الصلاح على ذلك في مقدمة «شرح صحيح مسلم»، فقال: من حكم لشخص لمجرد رواية مسلم عنه في الصحيح بأنه من شرط الصحيح عند مسلم فقد غفل وأخطأ، بل ذلك يتوقف على النظر في كيفية روايته عنه، وعلى أي وجه أخرج حديثه».

<<  <  ج: ص:  >  >>