(٣٠٠) [صوابه ٢٩٩]
وروينا في كتاب ابن السني بإسناد جيد، عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من ذكرت عنده فليصل علي، فإنه من صلى علي مرةً، صلى الله ﷿ عليه عشرًا».
وروينا فيه بإسناد ضعيف، عن جابر ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي».
المجلس (٢٩٩): أمر من ذكر عنده النبي ﷺ بالصلاة عليه والتسليم.
حدثنا سيدنا ومولانا، قاضِي القضاة، شيخ الإسلام، حافظ العصر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي، يوم الثلاثاء، تاسع عشر صفر، سنة أربع وأربعين وثمانمائة، من حفظه وإملائه:
قوله (١): «وروينا في كتاب ابن السنِي بإسنادٍ جيد عن أنسٍ»، إلى آخِره.
أخبرني الشيخ الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ ﵀، قالَ: أنا أبو الفتحِ محمد بن محمد بن إبراهيم، قال: أنا إسحاق بن محمود، قالَ: أنا عمر بن محمد، قالَ: أنا أبو بكر بن عبد الباقي، قالَ: أنا القاضي أبو الطيب الطبَري، وَأبو الموَاهب الورَاق، قالا: أنا أبو أحمد الجرجاني (٢)، قال: ثنا أبو خليفة. ح
وقرأت على إبراهيم بن محمد المؤذن، عن إسحاق بن يحيى -سَماعًا-، قال: أنا يوسف بن خليل الحافظ، قالَ: أنا ناصر بن محمدٍ، قالَ: أنا جعفر بن عبد الوَاحِد، قالَ: أنا أبو طاهر بن [عبد] (٣) الرحيم، قال: ثنا أبو محمد بن حيان (٤)، قال: ثنا أبو خليفة، وأبو يعلى:
قالا: ثنا عبد الرحمن بن سلام، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق، عن أنس بن مالكٍ ﵁، أن النبي ﷺ قالَ: «من ذكرت عنده فليصل عليَّ، فإنه من صلى عليَّ مرة صلى الله عليه عشرًا».
أخرجَهُ ابن السنِي (٥) عن أبي خليفة، وَأبي يعلى، جميعًا (٦). فوقع لنا موافقة عالية، لاتصالِ السماع (٧).
وَأخرجَهُ الطبراني في «الأوسطِ» (٨) عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الرحمن بن سلام. وقال: «لم يروه عن أبي إسحاق إلا إبراهيم بن طهمان، تفرد به عبد الرحمنِ» (٩).
كذا قالَ، وقد وقع لنا مِنْ وَجه آخر عن أبي إسحاق:
قرأت على عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، عن أحمد بن منصور الجوهَري -سَماعًا-، قالَ: أنا علي بن أحمد السعدي، عن محمد بن أحمد بن نصرٍ، قالَ: أنا الحسن بن أحمد المقرئ، قالَ: أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قالَ: أنا عبد الله بن جعفر، قالَ: أنا يونس بن حبيب، قالَ: ثنا أبو دَاود الطيالسِي (١٠)، قالَ: ثنا أبو سلمة الخراسانِي، عن أبي إسحاق، عن أنسٍ. فذكر مثله.
أخرجَهُ النسائي في آخر كتاب فضائل القرآنِ من «السنن الكبرى» (١١) عن محمد بن المثنى، عن أبي دَاود. فوقع لنا بدلًا عاليًا بدرجتين.
وَعجبت مِنْ عدول الشيخ عن ذكر النسائي، واقتصاره على ابن السنِّي. وَلعله خفي عليه لكونه ذكره في غير مظنته (١٢).
وأما وصفه السند بالجودة، فكأنه بالنظرِ إلى رجالهِ، فإنهم موثقون، وَأبو إسحاق هو السبيعي -بفتح المهملة، وكسر الموحدة-، وَاسمه: عمرو بن عبد الله، من رجَال الصحيحين، وَكذا إبراهيم بن طهمان.
وَأبو سلمة اسمه: المغيرة بن مسلم، وَهو من رجَال مسلم، وَكذا عبد الرحمن.
لكن في السندِ انقطاع، فقد ذكر الدارقطنِي في «العللِ» (١٣) الاختلاف فيه، وذكر روَاية أبي إسحاق، ثم قالَ: «رَواه يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن جده، عن بُريد بن أبي مريم، عن أنسٍ. وَهو الصوَاب».
قلت: وروَاية يوسف أخرجها الطبرَاني في «الأوسطِ» (١٤) فيمن اسمه إبراهيم، وقد قدمتها (١٥) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم.
وقد روَاه شبابة، عن المغيرة بن مسلم، بلفظٍ آخر في آخره، قالَ: «من ذكرت عنده فليصل علي، فإنها له كفارة». أخرجَهُ ابن أبي عاصمٍ (١٦).
قوله (١٧): «وروينا فيه بإسنادٍ ضعيف عن جابر ﵁، قالَ: قال رَسول الله ﷺ: «من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقِي»».
قلت: أخرجَهُ (١٨) من طريق عبد الرحمن بن مَغْرَاء، عن الفضل بن مبشر، عن جابر.
وَالفضل يقال له: أبو بكر المدني، وَهو بكنيته أشهر، وَقد ضعف (١٩).
وَأخرجَ البخاري في «الأدب المفرد» (٢٠) من طريق عبد الرحمن بن [مَغْرَاء] (٢١)، بهذا السند، حديثًا غير هذا.
وله طريق أخرى: أخرجها الطبري (٢٢) [مختصرة من] (٢٣) رواية محمد بن المنكدر، عن جابر، أن النبي ﷺ قالَ: «قالَ لي جبريل ﵇: مَنْ ذكرت عنده فلم يصل عليكَ فقد شقِي. فقلت: آمين».
وَأخرجَهُ الدارقطني في «الأفراد» (٢٤) من هذَا الوجه مطولًا، وأوله: رَقى النبي ﷺ المنبر، فقالَ: «آمين»، فذكر الحديث بطوْله نحو ما تقدم أول الباب، لكن يقول فيه: «شقي» بدَل: «بعد».
وَهذَا هو حديث جابر الذي أشار إليه الترمذِي، وقلت (٢٥): إني لم أظفر به إلا مختصرًا، ثم تيسَّر الوقوف عليه في «أفرَاد الدارقطنِي»، وَلله الحمدُ.
آخر المجلس التاسِع وَالتسعين بعد المائتين من تخريج أحَادِيث الأذكار (٢٦)، وَهو التاسِع والسبعون بعد الستمائة من الأمالي المصرية بالبيبرسية. رواية كاتبه علي المنوفي.
* * *
(١) «الأذكار» (ص ٢٠٧).
(٢) «جزء ابن الغطريف» (٦٣).
(٣) خرم في الأصل.
(٤) لعله في كتاب «الثواب»، ولم أجد المؤلف ذكره في مقروءاته على شيخه، أو ساق حديثًا بهذا الإسناد في موضع آخر، وقد أخرجه أبو موسى المديني في منتهى رغبات السامعين من طريق أبي الشيخ.
(٥) «عمل اليوم والليلة» (٣٨٠).
(٦) أسند المؤلف هذا الحديث من وجهٍ آخرَ في مجلسٍ لاحق، ثم قال (٥/ ٥٥): «وقد تقدم في كتاب الصلاة على النبي ﷺ من هذا التخريج، قبيل المجلس الثلاثمئة منه، من عدة طرق، منها بهذا الإسناد من رواية ثلاثةٍ من الحفاظ عن أبي خليفة بهذا الإسناد … »، يعني بالثلاثة: ابن الغطريف الجرجاني، وأبا الشيخ، وابن السني.
(٧) قال المؤلف في موضع سابق (٤/ ١٥): «ووقع لنا بعلو في جزء أبي أحمد الغطريفي».
(٨) (٢٧٦٧).
(٩) قول الطبراني بهذا التمام بعقب روايته للحديث عن الفضل بن الحباب في موضع آخر من «الأوسط» (٤٩٤٨).
(١٠) (٢٢٣٦).
(١١) (٩٩٩٩).
(١٢) كذا قال، لكونه عزاه آنفًا إلى آخر كتاب فضائل القرآن من «الكبرى»، لكنه عندنا في أبواب الصلاة على النبي ﷺ من كتاب عمل اليوم والليلة.
(١٣) (٦/ ١١٤).
(١٤) (٢٦٧١).
(١٥) «نتائج الأفكار» (٤/ ١٣).
(١٦) (٤٠).
(١٧) «الأذكار» (ص ٢٠٧).
(١٨) «عمل اليوم والليلة» (٣٨١).
(١٩) قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٥٤١٦): «فيه لين».
(٢٠) (١٢٦).
(٢١) بتر في الأصل، وتمامه من المصدر.
(٢٢) «تهذيب الآثار» (٣٥٦/ مسانيد العشرة).
(٢٣) بتر في الأصل، وتمامه من «الفتوحات الربانية» (٣/ ٣٢٢).
(٢٤) «أطراف الغرائب والأفراد» (١٧١٢)، «تهذيب التهذيب» (٩/ ٩٦).
(٢٥) «نتائج الأفكار» (٤/ ٢٧).
(٢٦) هذا هو الصواب في ترقيم المجالس، ووقع فيه اضطراب في المطبوع.