المجلس (٥١٨): الدعاء في البيت، أذكار السعي.
ثم أملى ﵁ من حفظه ولفظه، وأنا أسمع، فقال:
ويلتَحِق بما مضى: ما أخرجه أبو بكر بن أبي شيبَة (١) من طريق حميد الأعرج، عن مجاهد، قال: «كان عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عَمْرٍو، وعبد الله بن عمر ﵃، إذَا قضوا طوافهم وأرادوا أن يخرجوا، تعوذوا بين الركن وَالباب».
وَ (٢) مِنْ طريق حنظلة بن أبي سفيان، قال: رأيت القاسم بن محمد يتعوذ في دُبُر الكعبة: «اللهم إني أعوذ بك من بأسِك ونقمتك وسطوتك -أو: سلطانك (٣) -».
وأخرج الأزرقيُّ في «كتاب مكة» (٤) من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: كان النبي ﷺ يقول إذا حاذى الميزابَ فِي طوافه: «اللهم إني أسالك الرَاحَةَ عِند الموت، وَالعفوَ عند الحِساب».
هذا سندٌ مرسل أو معضل، ورجاله جيَاد (٥).
[السعي] (٦)
قوله (٧): «فصل في أذكار المسعى … »، إلى أن قال: «السنة أن يطيلَ القِيام على الصفا … »، إلى آخِره.
قلت: جمع هنا آثارًا مرفوعةً وموقوفةً:
قرأنا على الشيخ أبي عبْد الله ابن قوَام البالسِيّ ﵀، بصالحية دمشق، عن أبَوَيِ الحسن: ابن هلال، والعسقلاني (٨) -سماعًا عليهما-، قالا: أنا أبو إسحاقَ بن مضر، قال: أنا أبو الحسن الطوسِيُّ، قال: أنا أبو محمد السَّيِّديُّ، قال: أنا أبو عثمان البَحِيريُّ، قال: أنا أبو علي السَّرخْسِيُّ، قال: أنا أبو إسحاق الهاشِمِيُّ، قال: أنا أبو مُصْعَبٍ الزهريُّ، قال: أنا مالك (٩)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر ﵁، أن رسُول الله ﷺ كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثًا، ويقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير»، يَصْنَعُ ذلك ثلاث مرات، وَيَدْعو، ويصنع على المرْوَة مثل ذلك.
وأخبرني به أتمَّ من ذلك: الشيخ أبو الفرج بن حماد، قال: أنا أبو الحسن المخزوميُّ، قال: أنا أبو الفرج الحرَّانِي، عن أبي الحسن الجمال، قال: أنا أبو عليٍّ الحدَّاد، قال: أنا أبو نعيم -في «المستخرج» (١٠) -، قال: أنا أبو بكر الطَّلحِيُّ، وَإبرَاهيم بن عبْد الله، وأبو أحمد محمد بن أحمد، قال الأول: ثنا عبيد بن غنام، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا حَاتم بن إسْماعيل. وقال الآخَران: حدثنا عبد الله بن محمد بن شِيْرُوْيَه، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم -يعني: ابنَ رَاهُويَه-، قال: أنا حاتم. ح
وقرأت على أبي العباس بن تميم، عن أحمد بن أبي طالب -سماعًا-، قال: أنا أبو المنجى، قال: أنا أبو الوقت، قال: أنا أبو الحسن بن داود، قال: أنا عبد الله بن أحمد السرخسِي، قال: أنا عيسى بن عمر، قال: ثنا أبو محمد الدارمي (١١)، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل:
قال: ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله ﵄، فسأل عن القوم، حتى انتهى إليَّ، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين -زاد إسماعيلُ في روَايته: ابن علي، ﵄. فذكر الحديث الطويل عن جابر في حجة النبي ﷺ، إلى أن قال: ثم خرج من البَابِ إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَآئِرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٥٨]، «أبْدَأُ بمَا بَدَأَ الله به»، فبَدأ بالصفا، فرقى عليه حتى رأى البيت، فاسْتقبل القبلة، فوحَّدَ اللهَ وكبَّرهُ، وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد -زاد إسماعيل في روايته: يحيي ويميت. ثم اتفقوا- وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجَزَ وعده، ونصَرَ عبده، وهزم الأحزاب وَحْدَه»، ثم دعا بين ذلك، قال ذلك ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة. فذكر الحديث، وفيه: ففعَل على المروة كما فعَل على الصفا.
وقرأت على العِمَادِ أبي بكرٍ الفَرَضيِّ، عن أبي بكر بن الرَّضِي -سمَاعًا-، قال: أنا محمد بن إسماعيل، عن فاطمة بنت سعد الخير -سماعًا-، قالت: أنا زاهرُ بن طاهر، قال: أنا أبو سعد الأديب، قال: أنا أبو عمْرٍو النيسابوري، قال: ثنا أبو يَعلى (١٢)، قال: العباس بن الوليد، قال: ثنا وُهَيْبُ بن خالد، عن جعفر بن محمد، فذكر الحديث باختصَار، وفيه: «وَصَدَق»، بَدَل: «أنجز» (١٣)، وزاد بعد: «يحيي ويميت»: «بيده الخيرُ»، والباقي سواء، وفيه: «فرقى على المروة حتى بدا له البيت».
وقرأت الطريقَ الأولَ (١٤) عاليًا على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن عيسى بن عبد الرحمن وأبي العَباسِ ابن الشحنَة -سماعًا عليه، وإجازة من الأول-، كلاهما عن ابن اللّتِيّ -قال الأول: سماعًا، والثاني: إن لم يكن فإجازة-، قال: أنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرتنا بِيْبِي (١٥) الهَرثميةُ، قالت: أنا أبو محمد بن أبي شريح (١٦)، قال: ثنا أبو القاسم البغويُّ، قال: ثنا مُصْعَبُ بن عبد الله الزبيري، قال: حدثني مالك، فذكره.
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم (١٧) بطُوله عن أبي بكر بن أبي شيْبَةَ وإسحاقَ بنِ راهُويه. فوقع لنا موافقة عالية بدرجة فيهما، وَعَاليًا بدرجتين في الرواية الأخيرة.
وَأخرجه النسائيُّ (١٨)، وابن ماجة (١٩)، والبزار (٢٠)، وابن خزيمة (٢١)، كلهم من رواية حاتم.
قال البزارُ: «لم يَروه بطوله عن جعفرٍ إلا حَاتِم. وروَى بعضَهُ مُفرقًا: مالكٌ والثوريُّ وغيرُهما من الأئمة عن جعفر». والله أعلم.
آخر المجلس الثامن عشر بعد الخمسمائة من تخاريج أمالي الأذكار، وهو الثامن وَالتسعون بعد الثمانمائة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية، مما أملاه شيخ الإسلام، حسنة الأيام، صدر مصر والشام، قاضي القضاة، الشيخ شهاب الدين، أبو الفضل أحمد بن حجر العسقلاني الشافعي -أمتع الله بوجوده المسلمين-، فكتبته عنه من حفظه ولفظه حالة العرض والإملاء. المستملي: الشيخ زين الدين رضوان العُقْبيُّ -لطف الله به-. وأجاز المملي المشار إليه -أمتع الله به- رواية ذلك، وجميع ما يجوز له وعنه، متلفظًا بذلك، بسؤال المستملي المذكور له في عقبه، بتاريخ رابع عشر شهر ربيع الآخرة، سنة تسع وأربعين وثمانمائة. رواية كاتبه العبد محمد بن محمد بن علي الخطيب اليلداني -غفر الله له وللمسلمين- عنه -أمتع الله ببقائه-.
(١) «المصنف» (١٦٤٦٠).
(٢) «المصنف» (١٤٣١٢).
(٣) الذي في «المصنف»: «سلطانك»، دون هذا الشك، ويحتمل أنه من المؤلف حال الإملاء.
(٤) (٤٠٧).
(٥) في إسناده سعيد بن سالم القداح، قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٢٣١٥): «صدوق يهم». وشيخه فيه: عثمان بن ساج، قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٤٥٠٦): «فيه ضعف» -وإن كان أشار في «تهذيب التهذيب» (٨/ ٩١٥) و «لسان الميزان» (٥/ ٣٩١) إلى التفريق بين عثمان بن ساج وعثمان بن عمرو بن ساج، وثانيهما هو المترجم في «التقريب» وأصوله-.
(٦) عنوان في الحاشية، مرموزًا له برمزها «حـ».
(٧) «الأذكار» (ص ٣٢٣).
(٨) كذا قال، وإنما يكنى العسقلانيُّ أبا عبد الله -كما في ترجمته من معجم شيوخ السبكي (ص ٤٤٥) -. ولعل اتفاق لقب الشيخين -إذ يُلقَّب كلاهما: «نجم الدين» - أذْهَبَ وهلَ المؤلف هنا إلى اتفاق كنيَتَيهما. وقد جوَّد الحافظ اللقبين والكنيتين في سياق هذا الإسناد من «المعجم» (ص ٣٧)، فقال: « … والنجمان: نجم الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن هلال، ونجم الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله العسقلاني»، كما كان الأمر منضبطًا للمؤلف في المجلس (١٥٥) من «النتائج» (٢/ ١٧٦)، لكنه قال في المجلس (٤٤١): «والنجمان: أبو الحسن بن هلال، وأبو الحسن العسقلاني»، فوحَّد الكنيتين واللقبين، ثم وحَّد الكنيتين فحسبُ هنا، وأصوب ذلك كله ما سبق بيانه.
(٩) «الموطأ» برواية أبي مصعب الزهري (١٣١٢).
(١٠) «على صحيح مسلم» (٢٨٢٧).
(١١) «المسند» (١٨٩٢).
(١٢) «المسند» (٢٠٢٧).
(١٣) كذا قال، والواقع أن الجملة التي وقع فيها هذا اللفظ لم ترد في رواية وهيب، وإنما المعروفُ من الاختلاف في هذا الموضع: أن يحيى القطان قال في بعض ألفاظ روايته عن جعفر: «وصدق»، بدل: «ونصر»، جاء هذا عند أبي يعلى (٢١٢٦) وغيره من طريق يحيى. وأما ما ذكره المؤلف تاليًا فكما ذكر.
(١٤) يعني: رواية مالك عن جعفر، الماضية في مطلع فصل «السعي».
(١٥) كتب الناسخُ هذا الاسمَ أولًا مفصولًا: «بي بي»، وكأنَّ المؤلف قطَّعه هكذا في إملائه، ثم ضرب الناسخ عليه، وكتبه كما أثبت بكسر الباءين. وهذا هو الضبط الذي كان المؤلف يعتمده، وقد ضبطه كذلك ناسخُ نسخة «لسان الميزان» (١/ ٥٣٥) التي قُرِئَت وحُرِّرَت على ابن حجر، وبعض نُسَّاخ «أماليه»، وكذا ضبطه تلميذه السخاوي -كما نقله أحمد العجمي الوفائي في «ذيل لب اللباب» (ص ٢٣٩) عن خطه-. وأما الزَّبيدي، فضبطه في «تاج العروس» (٢/ ٥٤) بقوله: «بِيْبَى، كضِيْزَى».
(١٦) «جزء بيبي» (٦٢).
(١٧) (١٢١٨).
(١٨) «الكبرى» (٣٩٥٤)، ولم يخرِّج موضعَ الشاهد في «المجتبى» من حديث حاتم. وقد أخرج أصل الحديث مفرَّقًا في مواضع عديدة من «المجتبى»، و «الكبرى».
(١٩) (٣٠٧٤).
(٢٠) (٤٨٩)، أورده مختصرًا في ترجمة «جابر، عن علي بن أبي طالب»، وليس فيه موضع الشاهد، وقد أخرجه بتمامه في مسند جابر -كما يشير إليه نقلُ المؤلف عنه فيما يلي-، إلا أن مسند جابر لم يصل إلينا فيما وصل من أصل «المسند».
(٢١) أخرجه مفرَّقًا في عدة مواضع من «صحيحه»، إلا أنه لم يَسُق موضعَ الشاهد من حديث حاتم.