(٣٩٩)
وروينا في صحيح مسلم، عن عمرو بن العاص ﵁ قال: إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
وروينا في سنن أبي داود والبيهقي، بإسناد حسن، عن عثمان ﵁ قال: كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل».
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المجلس (٣٩٩): ما يقوله بعد الدفن.
(١) قوله: «وَروينا في «صحيح مسلم» عن عمرو بن (العاص) (٢)»، إلى آخِره.
قلت: هو طرف من حَدِيثٍ طوِيل، تقدمَ في باب الثناء على الميت، ذكر الشيخ هناكَ بعضه، والذي هنا آخر ما فيه، وَأمليته بتمامِه في المجلس التاسِع وَالأربعين بعد الثلاثمائة من تخريج أحاديث الأذكار (٣).
قوله: «وروينا في «سنن أبي دَاود»، وَ «البيهقِي»، بإسناد حسن، عن عثمان»، إلى آخِره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن المنجا -بدمشق-، عن سليمان بن حمزة، (٤) أنا محمد بن عبد الوَاحِد الحافظ، قال: أنا المؤيد بن عبد الرحيم، أنا الحسين بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنا محمد بن علي بن عاصم، ثنا أحمد بن علي بن المثنى (٥)، ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، (ثنا) (٦) هشام بن يوسف، حدثني عبد الله بن بَحِير -بموحدة، ومهملة، وراء، وَزن: قدير-، قال: سمعت هانئًا -مَولى عثمان- يحدث عن عثمان بن عفان ﵁، قال: كانَ رسول الله ﷺ إذا فرغ مِنْ دفن الميت قالَ: «استغفروا لأخيكم، وَاسألوا له التثبيت، هُو الآنَ يُسْأَل».
وبه إلى عثمان: أنه كانَ (٧) إذا وقف على قبرٍ بكى حتى يَبُل لحيته، فقيل له: تذكر الجنةَ والنار فلا تبكي، وَتبكي مِنْ هذَا؟ فقالَ: إن رسول الله ﷺ قال: «إن القبر أول منازل الآخرة، فإن تنج مِنه فما بعده أيسر منه، وَإن لم تنج منه فما بعده أشد منه».
قال: وقالَ رَسول الله ﷺ: «مَا رأيتُ منْظَرًا إلا وَالقبر أفظع مِنه».
هَذَا حَدِيث حسن فَرْدٌ، فرَّقه بَعْضُ الرواة ثلاثةَ أحَادِيث:
فأخرج أبو دَاود (٨) الأول منه عن إبراهيم بن موسى الرازي، عن هشام بن يوسف. فوقع لنا بَدلًا عاليًا. واقتصر الشيخ على هذَا القدر، وقد أخرجَهُ البيهقِي (٩) بتمامِه من طريق علي بن المديني، عن هشام.
وَأخرجَ التِرمذي الحديثين الآخرين:
قرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي الربيع بن قدامة، أنا جعفر بن علي، أنا السِّلَفي، أنا أبو القاسم بن بيان، أنا طلحة بن علي (١٠)، أنا عبد الخالق بن الحسن، ثنا محمد بن صَالح بن ذَرِيح -بمعجمة، وَراء، وَآخره مهملة، بوزن (مليح) (١١) -، ثنا (هَنَّاد) (١٢) بن السَّرِي، ثنا يحيى بن معين، ثنا هشام بن يوسف، بالسندِ المذكور إلى عثمان، أنه كانَ إذا وقف على قبر بكى حتى يَبُل لحيته … ، فذكر بقيته إلى آخر ما تقدم.
أخرجَهُ الترمذي (١٣) عن هناد بن السَّرِي. فوقع لنا مُوافقة عالية. وقال: «حسن غرِيب، لا نعرفه إلا من هذَا الوَجه».
ووقع لنا أعلى مِنْ هذا [هـ: ٩٧ ب] بدرجةٍ إلى يحيى بن معين:
قرأت على عبد الله بن عمر بن علي، عن الأحمَدِين: ابن عبيد الإسعردي، وابن علي المشتولي، وابن أبي (١٤) أحمد الصَّيرفي -سَماعًا عليهم مجتمعين، وعلى غيرهم-، فقالوا: أنا أبو الفرج بن الصيقل، أنا أبو محمد بن صاعِد، أنا أبو القاسِم بن الحصين، أنا أبو علي الوَاعظ، أنا أبو بكر بن حَمْدان، ثنا أبو عبد الرحمن الشيباني (١٥)، ثنا يحيى بن معين … ، فذكر مثله سَواء.
أخرجه ابن ماجه (١٦) عن محمد بن إسحاق الصَّغَانِي، عن يحيى بن معين. فوقع لنا بدلًا عاليًا له، وَللترمذي بدرجتين، لاتصال السماع.
وَوقع لنا فِعل عثمان مفردًا عن القصة:
قَرأت على أحمد بن الحسن الزينبي، عن محمد بن غالي -بالغين المعجمة، سَماعًا عليه-، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن أحمد بن محمد التيمي، أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ (١٧)، ثنا فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم -هو الكجي-، ثنا علي بن عبد الله -هو ابن المديني-، ثنا هشام بن يوسف، ثنا عبد الله، عن هانئ، قال: «كان عثمان ﵁ إذا وَقف على قبرٍ بكى حتى يَبُلَّ لحيتَهُ».
أخرجَهُ الحاكم (١٨) مطولًا ومختصرًا من طريق إبراهيم بن موسى، وَمن طريق يحيى بن معين. وقال: «صحيح الإسْناد».
وقال الدارقطني في «الأفرادِ» (١٩): «لم يروه عن هانئ إلا عبد الله بن بَحِير، تفرد به هشام بن يوسف».
قلت: وَهانئ بَرْبَرِي، يكنى أبا سعيد، قليل الحَدِيث، قالَ النسائي: «لا بأسَ به» (٢٠).
وَالراوي عنه يكنى أبا وَائل، وَيعرفُ بالقاصّ -بتشديد المهملة-، وَثقه يحيى بن معين، وَاضطربَ فيه كلام ابن حبان (٢١).
فالحديث حسن، لكن الحاكم يسمّى الجميع صحيحًا.
وَالله أعلم. (٢٢)
* * *
(١) في (ص): «المجلس ٣٩٩ من تخريج أحاديث الأذكار، وهو ٦٧٩ من أمالي سيدنا شيخ الإسلام، قال». وفي (هـ): « .... ـيخ الإسلام، حافظ العصر، أحمد ..... ، يوم الثلاثاء، الحادي عشر من جمادى ا [لآخر] ة، سنة ست وأربعين وثماني مائة، من حفظه وإمـ[ـلائه]». وقد وقع هذا المجلس وما يتلوه في آخر نسخة (هـ)، وآخرها متضرِّر بتمزق أطراف الأوراق تمزقًا شديدًا، فبُترت لذلك أجزاء عديدةٌ من النص، لكني رأيت الاكتفاء بهذه الإشارة عن التنصيص على موضع كل بتر. وقد جرى ناسخ (ص) على عادته في إهمال الضبط غالبًا، فغالب الضبط في هذا المجلس وما تلاه من ناسخ (هـ).
(٢) في (هـ): «العاصي»، مع كسر الصاد.
(٣) نتائج الأفكار (٤/ ٢٢٩).
(٤) زاد ناسخ (هـ) هنا وفي عامة المواضع المشابهة التالية لفظة: «قال»، واختصرها ناسخ (ص) -كما مرَّ التنبيه عليه في المجلس (٥٢٣) -.
(٥) في «مسنده» الكبير، وليس بين أيدينا، وقد أخرجه -أو بعضه- عن أبي يعلى: راوي «المسند الكبير»: ابن المقرئ في «معجمه» (٣٤٧)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٥٨٥).
(٦) في (هـ): «حدثني»، والمثبت من (ص) أصوب، لاتفاقه مع مصادر رواية أبي يعلى.
(٧) تكررت «كان» في (ص) سهوًا.
(٨) (٣٢٢١).
(٩) (٧١٤٥).
(١٠) ابن الصقر في «حديثه»، ولم نقف عليه.
(١١) في (هـ): «صَحيح».
(١٢) في (س): «عباد»، والصواب المثبت من (هـ)، وتخريج المؤلف أدناه.
(١٣) (٢٣٠٨).
(١٤) سقطت «أبي» من (هـ).
(١٥) زياداته على «مسند أبيه» (٤٦١).
(١٦) (٤٢٦٧).
(١٧) «حلية الأولياء» (١/ ٦١).
(١٨) (١٣٨٧، ٨١٨٠).
(١٩) «أطراف الغرائب والأفراد» (٢٢٥ - ٢٢٧).
(٢٠) قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٧٢٦٦): «صدوق».
(٢١) هي عبارة المؤلف بنصِّها في «تقريب التهذيب» (٣٢٢٢).
(٢٢) في (ص): «آخر ٣٩٩، وهو ٦٧٩». وفي (هـ): «آخر المجلس التاسِع وَالتسعين بعد الثلاثمائة من تخريج أحاديث الأذكار، وَهو التاسِع وَالسبعونَ بعد السبعمائة من الأمالي المصرية بالبيبرسية. رواية كاتبه علي بن أحمد بن محمد بن أحمد المنوفي». وقد اختلف الناسخان في رقم المجلس من الأمالي المصرية، والصواب مع ناسخ (هـ).