المجلس (٥٣٢): الأذكار المستحبة في الدفع من المشعر الحرام إلى منى.
المجلس ٥٣٢ من تخريج أحاديث الأذكار، وهو ٩١٢ من أمالي سيدنا شيخ الإسلام
قال:
ولحديث المسور المذكور قَبْل شاهدٌ أصحُّ منه وأشهر:
أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الأنصاري، أنا أحمد بن أبي طالب وَوَزيرة التنوخية، قالا: أنا الحسين بن أبي بكر، أنا أبو الوقت، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد، أنا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل (١)، ثنا حجاج بن منهال. ح
وقرأت على علي بن محمد الخطيب، عن أبي بكر الدشتي، أنا يوسفُ بن خليل، أنا أحمد بن محمد، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي (٢) -واللفظ له-:
قالا: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون يقول: (شهدت) (٣) عمر بنَ الخطاب ﵁ بجمع بعدما صلى الصبح وقف فقال: «إن المشركين كانوا لا يُفيضون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير. وإن رسول الله ﷺ خالفهم، وأفاض قبل طلوع الشمس».
أخرجه أحمد (٤) عن أبي داود. فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه -أيضًا- (٥) عن محمد بن جعفر وعفان، كلاهما عن شعبة.
وأخرجه الترمذي (٦) عن محمود بن غيلان، عن أبي داود. فوقع لنا بدلًا عاليًا.
وهو عند البخاري (٧)، وأبي داود (٨)، والنسائي (٩)، وابن ماجه (١٠)، من طرق أخرى.
وهو عند مسلم (١١) في حديث جابر الطويل مختصر بلفظ: «فدفع قبل أن تطلع الشمس».
وعند الترمذي (١٢) من حديث ابن عباس، ولفظه: «أفاض قبل طلوع الشمس».
وأما الإكثار من الذكر والدعاء، فمستنده الآية المتقدمة.
وقد وجدت في تفسيرها أقوالًا أخرى، منها:
ما قرأت على الكمال أحمد بن علي بن عبد الحق، عن عائشة بنت محمد بن المسلم -فيما قرئ عليها وهو يسمع-، أن عبد الرحمن بن أبي الفهم أخبرهم، أنا يحيى بن أسعد، أنا أبو طالب بن يوسف، أنا عبد العزيز بن علي، أنا الحسن بن جعفر، ثنا جعفر بن محمد (١٣)، حدثني محمود بن غيلان، ثنا أبو أسامة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء -وهو ابن أبي رَباح-، في قوله -تعالى-: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: ٢٠٠]، قال: «هو قول الصَّبي أولَ ما يفصح في الكلام: أَبه، أُمَّهْ».
هذا موقوف على عطاء، وسنده صحيح إليه.
وأخرجه ابن أبي حاتم (١٤) عن أبي سعيد الأشج، عن أبي أسامة. فوافقناه في شيخ شيخه.
وقد تقدم في المجلس الخامس والسبعين من أول «الأمالي المطلقة» (١٥) في حديث ابن عمر في فضل العمل في عشر ذي الحجة: «فأكثروا فيهن من التحميد والتهليل والتكبير».
وأما الإكثار من التلبية، فتقدم في أبواب التلبية (١٦) من مرسل ابن المنكدر، أن النبي ﷺ كان يكثر من التلبية. أخرجه الشافعي.
وتقدم -أيضًا- (١٧) حديث الفضل، أن النبي ﷺ أردفه من المزدلفة، قال: «فلم يزل ﷺ يلبي حتى رمى جمرة العقبة». وهو في الصحيحين.
وفي الصحيحين -أيضًا- عن ابن مسعود (١٨) في حديث، وعن ابن عمر (١٩) في آخر، وله شواهد أخرى يأتي بعضها.
ومنها: ما قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الصمد -سماعًا عليه-، أنا عبد الرحيم بن يحيى، أنا أبو علي الرصافي، أنا أبو القاسم الكاتب، أنا أبو علي الواعظ، أنا أبو بكر بن مالك، أنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي (٢٠)، ثنا سلمة بن الفضل (٢١) ومحمد بن أبي عدي -فرقهما-، كلاهما عن محمد بن إسحاق، حدثني (٢٢) أبان بن صالح، عن عكرمة، قال: أفضت مع الحسين بن علي ﵄ من المزدلفة، فلم أزل أسمعه يقول: لبيك، لبيك. حتى رمى جمرة العقبة. فقلت: يا أبا عبد الله، ما هذا الإهلال؟ فقال: أفضت مع أبي من المزدلفة، فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فسَألته، فقال: «أفضت مع رسول الله ﷺ، فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمَى جمرة العقبة».
هذا حديث حسن الإسناد، صحيح المتن.
أخرجه البزار (٢٣) عن محمد بن المثنى وعَمرو بن علي، كلاهما عن ابن أبي عدي. فوقع لنا بدلًا عاليًا.
وقال: «لا نعلمه يروى عن علي إلا بهذا الإسناد» (٢٤).
والله أعلم.
آخر ٥٣٢، وهو ٩١٢، و ٩ بدار الحديث، في ١ شعبان.
* * *
(١) (١٦٨٤).
(٢) (٦٣).
(٣) في الأصل: «سمعت»، ولعله تصحيف سمعٍ من الناسخ، والمثبت من مصدرَي المؤلف، وهو الموائم للسياق.
(٤) (٣٦٤).
(٥) (٣٦٤، ٨٥).
(٦) (٨٩٦).
(٧) (٣٨٣٨).
(٨) (١٩٣٨).
(٩) (٣٠٧٠).
(١٠) (٣٠٢٢).
(١١) (١٢١٨).
(١٢) (٨٩٥).
(١٣) الفريابي في «الذكر»، وليس مما بلغنا بعد من مصنفاته.
(١٤) «التفسير» (٢/ ٢٨٢).
(١٥) هو في الرابع والسبعين منها (ص ١٤).
(١٦) «نتائج الأفكار» (٥/ ٢٢٢).
(١٧) «نتائج الأفكار» (٥/ ٢٣٦).
(١٨) ذكرهُ المؤلف في أبواب التلبية (٥/ ٢٣٧) من «صحيح مسلم» (١٢٨٣)، وهو عند البخاري (١٦٨٣) من وجهٍ آخر فعله ﵁.
(١٩) ساق المؤلفُ (٥/ ٢٣٥) عند قول النووي: «أن التلبية لا تزال مستحبة حتى يرمي جمرة العقبة» حديثَ ابن عمر: «خرجنا مع رسول الله ﷺ منا من يلبي ومنا من يكبر»، ثم خرَّجه من «صحيح مسلم» (١٢٨٤)، لكن لفظه عنده مقيَّد بصبيحة عرفة، ولم أجده في البخاري. ولم أقف لابن عمر في الصحيحين إلا على حديثٍ في مبتدأ التلبية، وآخر في ألفاظها، والحديث المذكور.
(٢٠) «المسند» (٩٣٠، ١٣٥٠).
(٢١) كذا، وهو ذهول من المؤلف في أصحاب ابن إسحاق، وصوابه كما في مصدره: «محمد بن سلمة»، وكذلك ذكره صوابًا في «أطراف المسند» (٤/ ٣٩٨). وأما سلمة بن الفضل فلا يروي عنه أحمد إلا بواسطة ختنه: إسحاق بن إبراهيم الرازي.
(٢٢) التصريح بالسماع في رواية ابن أبي عدي فقط.
(٢٣) (٥٠٠).
(٢٤) وحسَّنه، ونقل المؤلف في «إتحاف المهرة» (١١/ ٣٥٤) تصحيحَه عن ابن جرير الطبري، وقبلهما قال البخاري -كما في «الاستذكار» (١١/ ١٦٣) -: «هو حديث محفوظ»، وهو في «ترتيب علل الترمذي» (ص ١٣٤) مختصرًا.