وروينا في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، بالأسانيد الصحيحة، عن أوس بن أوس ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضةً علي» فقالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ -قال: يقول: بليت- قال: «إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء».
وروينا في سنن أبي داود، في آخر كتاب الحج، في باب زيارة القبور بالإسناد الصحيح.
المجلس (٢٩٦): الصلاة على رسول الله ﷺ.
حدثنا سيدنا ومولانا، قاضي القضاة، شيخ الإسلام، حافظ العصر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي، يوم الثلاثاء، سابع عشرين شهر الله المحرم، سنة أربع وأربعين وثمانمائة، من حفظه وإملائه:
قوله (١): «وروينا في سنن أبي دَاود، وَالنسائي، وَابن ماجة، بالأسَانيد الصحيحة، عن أوس بن أوس … »، إلى آخره.
أخبرني الإمام الفاضِل أبو محمد إبراهيم بن داود الآمدِي -بمنزله ظاهر القاهرة-، قالَ: أنا أحمد بن (كشتغدي) (٢)، وإسماعيل بن إبراهيم بن أبي بكر، قالا: أنا المعين أحمد بن علي بن يوسف. زاد الثانِي: وَإسماعيل بن عبد القوي. قالا: أنا هبة الله بن علي بن سعود، قال: أنا مرشد بن يحيى، قالَ: أنا محمد بن الحسين، قال: أنا محمد بن عبد الله بن زكريا، قال: ثنا أحمد بن شعيب (٣)، قال: أنا إسحاق بن منصور -وَاللفظ له-. ح
وَأخبرني عبد الله بن عمر بن علي، قالَ: أنا أحمد بن محمد بن عمر، قالَ: أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قالَ: أنا عبد الله بن أحمد بن صَاعد، قالَ: أنا هبة الله بن محمد بن عبد الوَاحِد، قالَ: أنا الحسن بن علي التميمي، قالَ: أنا أحمد بن جعفر القطِيعي، قالَ: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبلٍ، قال: حدثني أبي (٤). ح
وقرأت على إبراهيم بن أحمد بن عبد الوَاحِد الدمشقي -بِالقاهرة-، وعلى أحمد بن علي بن يحيى الدمشقي -بها-، كلاهما عن أبي العباسِ بن أبي طالبٍ -سماعًا عليه مفترقيْن-، قالَ: أنا أبو المنجا بن اللتي، بالسندِ الماضِي مرَارًا إلى الدارمي (٥)، قال: ثنا عثمان بن أبي شَيْبة:
قالوا: ثنا حسين بن علي الجعفي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعانِي، عن أوس بن أوس ﵁، عن النبي ﷺ، قالَ: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعةِ، فيه خلق آدم، وَفيه قبض، وَفيه النفخة، وَفيه الصعقة، فأكثروا علي مِنْ الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي». قالوا: يا رسول الله، كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أَرِمْت -يعني: قد بليت-؟ قالَ: «إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجسَاد الأنبياء».
لم يَقُل أحمد في أوله: «إن»، ولم يقل الدارمي في أوله: «إن من» (٦)، وقالَ فيه: «فقال رَجل»، بدل قولِه: «قالوا».
هذَا حَدِيث حسن صحيح.
أخرجَهُ أبو داود (٧) عن هارون بن عبْد الله الحمال، وَالحسن بن علي الخلال -فرقهما-، وَالنسائي (٨) عن إسحاق بن منصور -كما سقته-، وابن ماجة (٩) عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلهم عن حسين بن علي الجعفِي. فوقع لنا بدلًا عاليًا، لاتصـ[ـال] (١٠) السماعِ.
وَصححه ابن خزيمة، وَابن حبان، وَالحاكم: فأخرجَهُ ابن خزيمة (١١) عن محـ[ـمد بن العلاء بن كريب]، وَمحمد بن رَافع، كلاهما عنِ الجعفِي. وَأخرجَهُ ابن حبان (١٢) عن ابن خزيمة، عن [أبي كريب]. وَأخرجَهُ الحَاكم (١٣) من روَاية أحمد بن عبد الحميد، وَعبد الله بن محمد بن شاكر، كلاهما عنِ الجعفِي.
وَنقل ابن أبي حَاتم في «العللِ» (١٤) أنه سَألَ أباه عنه (١٥)، فقالَ: «منكر، لأن عبدَ الرحمنِ بن يزيد الذي رَوَاه عن الجعفي ليس هو ابن جابر الثقة، وَإنما هو ابن تميم الضعيف»، وَهما شاميان، قدم أحدهما الكوفة، وَهو ابن تميم، فقالَ لهم: أنا عبد الرحمن بن يزيد، فسمِعَ منه من أهلها: أبو أسامة، وَحسين بن علي الجعفِي، فظنا أنه ابن جابر، فحدثا عنه، وَنسباه، فوهما في ذلكَ. وَبنحوِ هذَا أعله البخاري (١٦).
ورد ذلكَ الدارقطنِي، فقالَ (١٧): «إنما وقع ذلكَ لأبي أسامة وحده. وَأما حسين بن علي الجعفِي فسماعه من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثابت»، وإلى هذَا جنح الخطيب (١٨). والعلم عند اللهِ ﷿.
تنبيْه: اختصر الشيخ من المتن كما ترى.
وَفي قولِه: «بالأسانيد الصحيحة» نظر، لأنه يوهم أن للحديث في السنن الثلاثة طرقًا إلى أوس بن أوس، وَليس كذَلكَ، فإن مدَاره عندهم وَعند غيرهِم على الجعفِي، تفرد به عن شيخه، وَكذا من فوقه عمَّن فوقه. وَكأنه قصد بالأسانيد: شيوخهم خاصة.
قوله (١٩): «وروينا في سنن أبي دَاود في كتاب الحج … »، إلى آخره.
قرأت على أبي علي محمد بن أحمد بن عبد العزيز المهدوي -بمصر-، عن يوسف بن عمر بن حسين -سماعًا عليه-، قالَ: أنا الحافظ أبو محمد المنذري، قالَ: أنا عمر بن محمد بن حسان، قالَ: أنا مفلح بن أحمد، قالَ: أنا الحافظ أبو بكرٍ الخطيب.
قال شيخنا: وَأنا عاليًا يونس بن أبي إسحاق -إجَازة إن لم يكن سَماعًا-، عن علي بن الحسين، عن الفضل بن سهلٍ، عن الخطيب:
قالَ: أنا القاسِم بن جعفر، قالَ: أنا محمد بن أحمد بن عمرو، قالَ: ثنا أبو دَاود (٢٠)، قال: ثنا أحمد بن صَالح، قال: قرأت على عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة ﵁، قالَ: قال رسول الله ﷺ: «لا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم».
هذَا حَدِيث حسن.
أخرجَهُ أحمد (٢١) عن سريج بن النعمان، عن عبد الله بن نافع. فوقع لنا بدلًا، وعاليًا من الطريق الثانية.
وقد تقدم في حديث عمار الذي أشار إليه الترمذي، وأخرجَهُ البزار وغيره، بيان من يبلغه ذلك ﷺ (٢٢).
آخر المجلس السادس والتسعين بعد المائتين من تخريج أحاديث الأذكار، وهو السادس والسبعون بعد الستمائة من الأمالي المصرية بالبيبرسية. رواية كاتبه علي بن أحمد بن محمد بن أحمد المنوفي.
***
(١) «الأذكار» (ص ٢٠٦).
(٢) قدَّم الناسخ الغين على التاء سهوًا.
(٣) «السنن الكبرى» (١٨٣١).
(٤) «المسند» (١٦٤١٣).
(٥) (١٦١٣).
(٦) ثبتت «إن» فيه، فلعل المؤلف أراد «من» وحدها.
(٧) (١٠٤٧، ١٥٣١).
(٨) «المجتبى» (١٣٩٠).
(٩) (١٠٨٥، ١٦٣٦).
(١٠) خرم في الأصل، وكذا ما يأتي بين المعقوفات، وتمامه من السياق والمصادر.
(١١) (١٧٣٣، ١٧٣٤).
(١٢) (٩١٠).
(١٣) (١/ ٢٧٨، ٤/ ٥٦٠).
(١٤) (٥٦٥).
(١٥) الذي في «العلل» نقل مبتدأ عن أبيه، من غير سؤال.
(١٦) قال في «التاريخ الأوسط» (٣/ ٥٣٧): «وأما أهل الكوفة، فرووا عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو ابن يزيد بن تميم، ليس بابن جابر، وابن تميم منكر الحديث»، وترجم في «الضعفاء الصغير» (٢١٨) لابن تميم، فقال: «عنده مناكير، روى عنه أهل الكوفة: أبو أسامة، وحسين الجعفي، فقالوا: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر».
(١٧) «تعليقاته على المجروحين» (ص ١٥٧).
(١٨) وهَّم الكوفيين في ذلك في «تاريخ بغداد» (١١/ ٤٧٣)، ثم نقل عن موسى بن هارون توهيمَ أبي أسامة -وحده- فيه.
(١٩) «الأذكار» (ص ٢٠٦).
(٢٠) (٢٠٤٢).
(٢١) (٨٩٢٦).
(٢٢) وقع ذلك في أحد المجلسين الناقصين (٢٩٢، ٢٩٣). والحديث أشار إليه الترمذي عقب حديث أبي هريرة (٤٨٥): «من صلى عليَّ صلاةً صلى الله عليه عشرًا»، وأخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي ﷺ» (٥١)، والبزار (١٤٢٥، ١٤٢٦)، وأبو الشيخ الأصبهاني في «العظمة» (٣٣٩)، وغيرهم، من طريق نعيم بن ضمضم، عن ابن الحميري، قال: سمعت عمار بن ياسر يقول: قال رسول الله ﷺ: «إن الله وكل بقبري مَلَكًا أعطاه أسماع الخلائق، فلا يصلي عليَّ أحدٌ إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه: هذا فلان بن فلان قد صلى عليك». وانظر: «القول البديع» (ص ٢٤٦).