المجلس (٤٤٣): أذكار الكسوف.
المجلس ٤٤٣ من «تخريج أحاديث الأذكار»، وهو ٨٢٣ من أمالي سيدنا شيخ الإسلام
قال ﵁:
قوله (١): «فصل: يستحب إطالة القراءة في صلاة الكسوف»، إلى قوله: «مائة آية».
قلت: سبق إلى هذا التقدير الشيخ (٢) في «المهذب» (٣)، واستدل له بحديث ابن عباس، وليس فيه إلا تقدير القيام الأول بنحو سورة البقرة:
أخبرنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي، أنا أحمد بن أبي طالب، أنا الحسين بن أبي بكر، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد، أنا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل (٤)، ثنا عبد الله بن مسلمة، وعبد الله بن يوسف -فرَّقهما-. ح
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم (٥): ثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا محمد بن غالب، ثنا القعنبي.
وبه، قال أبو نعيم (٦): وحدثنا أبو محمد بن حَيَّان، ثنا أبو سَعيد. ح
وبالسند الماضي إلى أبي إسحاق الهاشمي: قالا: أنا أبو مصعب (٧):
ثلاثتهم عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس ﵄، قال: خَسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ، فصلى والناس معه، فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع، فقام قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا، وهو دون الركوع الأول، ثم سَجَدَ الحديث.
أخرجه أبو داود (٨) عن القعنبي. فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه ابن حبان (٩) من رواية أبي مصعب. فوقع لنا بدلًا عاليًا.
وأخرجه مسلم (١٠) عن محمد بن رافع، عن إسحاق بن عيسى، عن مالك. فوقع لنا عاليًا بدرجتين.
ووقع في بعض النسخ من أبي داود: «عن أبي هريرة»، بدَل: «ابن عباس»، وغُلِّطت (١١).
وأما تقْدير القَومة الثانية، فأخرجه البيهقي (١٢) من روَاية الزهري، عن عُروة (١٣)، عن عائشة، فقال في الحديث: «فقرأ بِآل عمرَان». وسنده قوي، وأصلُه عندَ أبي داود (١٤).
وآل عمران مائتا آية بالاتفاق.
وأمَّا تقدير القراءة في قيامي الركعة الثانيَة، فأخرج البيهقي (١٥) من وجه آخر أنه قرأ فيهما بالعنكبوت والروم (١٦).
وسائر الأحاديث ليس فيها تقدير، بل فيها إما التسوية، أو كل قومة أدنى من التي قبلها.
وقد نقل الترمذي (١٧) عن الشافعي أنه قدر الأُولى بالبقرة، والثانية بآلِ عِمرَانَ، والثالثة بالنساء، والرابعة بالمائدة.
وهذا نص الشافعي في البويطي (١٨). وقد ذكر الترمذي (١٩) أنه حمل بعض ما نقله عن الشافعي: عن محمد بن إسماعيل الترمذي، عن البويطي. فكأَن هذا منه.
قوله (٢٠): «ويسبح في الركوع الأول بقدر مائة»، إلى آخره.
قلت: ذكره الشيخ في «المهذب» (٢١) -أيضًا-، والأحاديث الواردة في «الصحيحين» وغيرهما تخالف ذلك، فإن في أكثرها أن كل ركوع دون القيام الذي قبله، وفي بعضها إطلاق التطويل في كل قيام وركوع.
ووَقع عند النسائي (٢٢) من طريق عبد الرحمن بن نمر -بفتح النون، وكسر الميم، بعدها راء-، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: «فركع ركوعًا طويلًا، مثل قيامه أو أطول»، وأعاد ذلك في الأربع.
وسنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجا (٢٣) بعضه من هذا الوجه.
قوله (٢٤): «ويطول السجود»، إلى أن قال: «ثبت ذلك في الصحيحين عن رسول الله ﷺ من طرق كثيرة، وقد أوضحته بدلائله وشواهده في شرح المهذب».
قلت: الذي ذكره فيه (٢٥): حديث أبي موسى، وقد تقدم في أول الباب (٢٦).
وحديث عائشة، وقع عند البخاري، وهو في الحديث الأول من الباب، قال فيه بعد الركوع الثاني: «ثم سجد سجودًا طويلًا». أخرجه (٢٧) من رواية مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه (٢٨)، ولم يقع ذلك عند غيره ممن أخرجه عن مالك.
وعندهما أيضًا عن عائشة طريق أخرى، بلفظ: «ثم سجد، فأطال السجود» (٢٩).
ووقع عند مسلم (٣٠) من حديث جابر في بعض طرقه.
وعندهما (٣١) من رواية أبي سلمة، عن عبد الله بن عمْرو -في قصة الكسوف-، قال في آخره: قال أبو سلمة: قالت عائشة: «ما سجدت سجودًا قط أطولَ منه».
وفي حديث أسماء بنت أبي بكر عند البخاري (٣٢): «ثم سَجد، فأطال السجود».
هذا جميع ما ذكره من الصحيحين.
وذكر من أبي داود (٣٣): عن عبد الله بن عمرو: «قام، فلم يكد يركع، ثم ركع، فلم يكد يرفع»، إلى أن قال: «ثم سَجد، فلم يكد يرفع».
وذكر من عند أبي داود -أيضًا- (٣٤): عن سمرة بن جندب، نحو رواية أبي سلمة، عن عائشة، المذكورة آنفًا.
وسائر الأحاديث في صلاة الكسوف لا ذكر فيها لتطويل السجود، ورواتُها نحو العشرين، لكن من حفظ حجة على من لم يحفظ.
وقد أغفل من أطلق أن تطويل السجود لم ينقل.
والله المستعان.
آخر ٤٤٣، وهو ٨٢٣.
* * *
(١) «الأذكار» (ص ٢٩٢ - ٢٩٣).
(٢) أبو إسحاق الشيرازي.
(٣) (١/ ٢٢٩).
(٤) (١٠٥٢، ٥١٩٧).
(٥) «المستخرج على صحيح مسلم» (٢٠٤١).
(٦) السابق.
(٧) «الموطأ» (٦٠٦).
(٨) (١١٨٩).
(٩) (٢٨٣٢، ٢٨٥٣).
(١٠) (٩٠٧).
(١١) انظر: (٣/ ١٩٣ - التأصيل).
(١٢) (٦٤١٤).
(١٣) كذا، وليس للزهري فيه ذكر، ولم أجد له روايةً لحديث آل عمران، وانظر: فتح الباري (٢/ ٥٣٠).
(١٤) (١١٨٧).
(١٥) (٦٤١٩).
(١٦) كذا، والذي في مصدر المؤلف: «أن رسول الله ﷺ صلى في كسوف الشمس أربع ركعات وأربع سجدات، فقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، وفي الثانية بلقمان أو الروم».
(١٧) «الجامع» (٢/ ٤٥٠).
(١٨) «مختصر البويطي» (ص ١٩٤ - ١٩٥).
(١٩) «العلل» بآخر «الجامع» (٥/ ٧٣٧).
(٢٠) «الأذكار» (ص ٢٩٣).
(٢١) (١/ ٢٢٩).
(٢٢) (١٥١٣).
(٢٣) «صحيح البخاري» (١٠٦٥)، «صحيح مسلم» (٩٠١).
(٢٤) «الأذكار» (ص ٢٩٣).
(٢٥) (٥/ ٥٠ - ٥١).
(٢٦) آخر المجلس الماضي برقم (٤٤١)، ومطلع الذي يليه.
(٢٧) (١٠٤٤).
(٢٨) كذا، ولفظه إنما هو الآتي: «فأطال السجود».
(٢٩) لم أقف على هذا اللفظ عندهما في غير الموضع المعزو إليه آنفًا عند البخاري من حديث مالك. والذي عند البخاري (١٠٤٧، ١٠٥٦، ٣٢٠٣) لفظ: «ثم سجد سجودًا طويلًا»، ولم أقف عليه عند مسلم.
(٣٠) (٩٠٤).
(٣١) «صحيح البخاري» (١٠٥١)، «صحيح مسلم» (٩١٠).
(٣٢) (٧٤٥).
(٣٣) (١١٩٤).
(٣٤) (١١٨٤).