للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المجلس (٥٣٨): أذكار شرب ماء زمزم.

المجلس ٥٣٨ منه، وهو ٩١٨ من أمالي سيدنا شيخ الإسلام

قال :

قوله (١): «فصل فيما يقوله إذَا شَربَ مَاء زمزم»، فَذَكر حديث: «ماء زمزم لما شرب له»، وذكر ما يُقال عند شربه، ولم يسنده لأحد.

فأما أدَب شربه بالقول والفِعل، فوَرد لنا موقوفًا، وبعضه مرفوعًا:

أخبرني المسند الأصيل أبو بكر بن أبي عمر بن قُدامة، قال: قرئ على أم عبد الله الكمالية -ونحن نسمع-، عن يوسف بن خليل الحافظ، أنا علي بن أبي سعيد، أنا أبو علي المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أنا أحمد بن يوسف، ثنا الحارث بن محمد (٢)، ثنا أبو إسحاق الحربي (٣)، ثنا داود -يعني: ابن رُشيد-، عن محمد بن ربيعة، عن مستقيم -يعني: ابن عبد الملك، واسمه: عثمان، و «مستقيم» لقب-، ثنا أبو معبد وعكرمة، قالا: طفنا مع ابن عباس، فقال: اسقني من بئْر زمزم، فسقيته، فقال: «بسم الله، اللهم اجعله لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاء من كل دَاء».

هذا مَوقوف غريب السند، وَرجاله موثقون، لكن في مستقيم مقال (٤). وقد تُوبع -كما سيأتي- في حديث آخر لابن عباس:

أخبرني الزين عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان، أنا أبو بكر بن أحمد الدقاق، أنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، عن عبد الله بن عمر الصفار، أنا الفضل بن محمد، أنا أبو منصور محمد بن أحمد، أنا الحافظ أبو الحسن الدارقطني (٥)، ثنا محمد بن مخلد، ثنا عباس بن عبد الله، ثنا حفص بن عمر العدَني، ثنا الحكم -هو ابن أبان-، عن عكرمة، عن ابن عباس ، أنه كان إذا شربَ من مَاءِ زمزم قال: «اللهم إني أسْألك علمًا نافعًا، ورزقًا وَاسعًا، وشفاء من كل دَاءٍ».

وحفص بن عمر ضعيف (٦).

وقد جاء من وجه آخر:

أخرجه سعيد بن منصور في «السنن» (٧) عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، قال: بلغني عن ابن عباس، فذكر مثله، وزاد: «واستقبل البيت» (٨).

وأخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب، عن أحمد بن محمد الدشتي، أنا يوسف بن خليل الحافظ، أنا أبو عبد الله الكراني، أنا محمود بن إسماعيل، أنا أحمد بن محمد الأصبهاني، أنا أبو القاسم الطبراني (٩)، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرزاق (١٠)، أنا عبد الرحمن بن عمر -قال: ولا أعلم إلا أن الثوري أخبرنا-، كلاهما عن عثمان بن الأسود. ح

وبه إلى الدارقطني (١١): ثنا عبد الله بن محمد، ثنا محمد بن بكار، ثنا إسماعيل بن زكريا -والسياق له-، ثنا عثمان:

عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: من أين جئت؟ قال: شربت من ماء زمزم. قال له: أشربت منها كما ينبغي؟ قال: وكيف ذاك؟ قال: إذا أردت أن تشرب منها فاستقبل البيت، واذكر اسم الله واشرب، وتنفس ثلاثًا، وتضلع منها، فإذا فرغت فاحمد الله، فإن رسول الله قال: «آيَة بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم».

واقتصر إسماعيل من هذا كله على المرفوع، ولفظه: فإني سمعت رسول الله يقول: «آية مَا بيْننا» الحديث، مثله (١٢).

هذا حديث صحيح (١٣).

أخرجه الحاكم (١٤) من طريق محمد بن الصباح، عن إسماعيل بن زكريا، فوقع لنا عاليًا، وقال: «صحيح على شرطهما» (١٥).

قلت: أخرج البخاري (١٦) من طريق عثمان بن الأسود، بهذا السند، حديثًا آخر (١٧).

لكن اختلف في هذا الحديث على عثمان بن الأسود في شيخه:

فقال عبيد الله بن موسى، عن عثمان: عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر المكي، عن ابن عباس.

أخرجه ابن ماجة (١٨) بطوله.

والله أعلم (١٩).

آخر المجلس الثامن والثلاثين بعد الخمسمائة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو ٩١٨ من الأمالي المصرية، والمجلس ١٥ بدار الحديث الكاملية.

رواية كاتبه أحمد بن أبي بكر بن محمد الخطيب الخزرجي -غفر الله له-، في ٤ شهر ذي القعدة الحرام، سنة ٨٤٩.

* * *


(١) «الأذكار» (ص ٣٣٢).
(٢) كذا ذكر المؤلف الحارث، ولا يصحُّ في هذا الإسناد، إنما يرويه أحمد بن يوسف -هو أبو بكر ابن خلاد- عن الحربي مباشرة. وقد مرَّ مثل هذا في المجلس (٥٢٠)، لكنَّ المؤلف استدرك هناك فصحَّحه، وكأنَّه سهوٌ كان يسبق إلى لسانه ، فقد وقع منه -كذلك- في مجلسٍ لاحقٍ من الكتاب (ص ٢٨/ زهران).
(٣) «المناسك» (٤٤).
(٤) قال المؤلف في «التقريب» (٤٤٩٨): «لين الحديث».
(٥) «السنن» (٢٧٣٨).
(٦) «تقريب التهذيب» (١٤٢٠).
(٧) لم أقف عليه فيما بلغنا منه.
(٨) جاء في «مصنف عبد الرزاق» (٩٤٣٦): «عن الثوري، سمعت من يذكر أن ابن عباس شرب من زمزم … »، فذكره دون استقبال البيت. والظاهر أن ذِكر الثوري سبقُ ذهنٍ أو انتقالُ نظر، وأن صوابه ابن جريج -كما في رواية داود-، وداود ثقة.
(٩) «المعجم الكبير» (١١٢٤٦). وكذا ساق المؤلف إسناده إليه، غير أن هذا الحديث ليس في القطعة التي ذكر في «مجمعه» (٢/ ٢٨٤) و «معجمه» (ص ١٣٦) أن شيخه أخبره بها منه، وشيخه لم يرو تلك القطعة عن الدشتي، بل عن إسحاق بن يحيى الآمدي، وله عن الدشتي عن ابن خليل مرويات أخرى، منها «مسند الطيالسي» الذي أسند المؤلف عنه في أماليه وغيرها كثيرًا. والله أعلم بحقيقة الحال.
(١٠) هو في «المصنف» (٩٤٣٥)، لكن وقع فيه شيخه: «عبد الله بن عمر»، وما عند الطبراني -وغيره- أصوب.
(١١) (٢٧٣٦).
(١٢) كذا، وهو سهو، فقد ذكر قبلُ أن السياق المطوَّل لإسماعيل، وهو كما قال، وإنما المقتصِر عبد الرحمن بن عمر والثوري عند الطبراني من جهة عبد الرزاق، وإن كانت روايتُهما في «مصنف عبد الرزاق» تامة، ولهما هذا اللفظ المذكور أخيرًا. وإسناد رواية إسماعيل ملحقٌ في حاشية الأصل، فلعل المؤلف ألحقه تاليًا وفاته تقويم هذا الموضع.
(١٣) عاد المؤلف فتوقف في صحته في المجلس التالي، وإن كان قواه بآثار أخرى.
(١٤) (١٧٥٢).
(١٥) وتتمة كلامه: «إن كان عثمان بن الأسود سمع من ابن عباس»؛ ذلك أنه لم يذكر في الإسناد بين عثمان وابن عباس أحدًا، فكأنَّ المؤلف سها عن ذلك، أو حمله على سَقْط النُّسَخ لا الرواية، أو لم يقع ذلك في نسخته -خصوصًا وقد وافق ما هنا في «إتحاف المهرة» (٧/ ٣٤٠) أيضًا، لكن لعله اعتمد هنا على «الإتحاف» -. وتتمة كلمة الحاكم المذكورة تقطع بأن روايته وقعت هكذا، وهو وهمٌ له في «المستدرك» فحسب، فقد أخرجه البيهقي (٩٧٤١) عنه بإسناده، فذكر ابنَ أبي مليكة فيه، وهو المعروف عن ابن الصباح.
(١٦) (٣٧٦٤).
(١٧) لكنَّ شيخَ البخاري فيه ليس عمدةً عنده -كما بيَّن المؤلف في «هدى الساري» (ص ٣٩٦، ٣٩٧) -، وقد عقَّبه بمتابعةٍ لعثمان عن ابن أبي مليكة، وكذلك فعل في كل ما أخرجه لعثمان عنه، فليس الإسناد على شرطه، فضلًا عن أنه بيَّن في «التاريخ» (١/ ٤٦٤) الاختلافَ عن عثمان في حديثنا هذا، وسيذكر المؤلف الآن طرفًا منه.
(١٨) سيسنده المؤلف من طريقه في المجلس التالي.
(١٩) كذا خُتم المجلس، وقد كانت له تتمةٌ محاها الناسخ، وكتب فوقها عبارةَ الختام الآتية، فكأنَّ المؤلف أملاها ثم عدل عنها. وسيُتِم المؤلف بيان الاختلاف عن عثمان في المجلس التالي بتوسع، والله ولي التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>