(١) أخبرني المسند أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المَرْدَاويُّ، عن عائشة بنت المسَلَّم -فيما قُرئَ عليها وهو في الرابعةِ-، قالت: أنا إبراهيمُ بن خليل، قال: أنا منصورُ بن علي الطبريُّ، قال: أنا عبدُ الجبار بنُ محمد، قال: أنا الحافظ أبو بكر أحمدُ بن الحسين البيهقِيُّ (٢)، قال: أنا أبو عبد الله الحافظُ، قال: ثنا أبو جعفر أحمدُ بن عبيْد الحافِظُ، وعبدانُ بن يزيدَ الدقاقُ (٣)، قالا: ثنا إبراهيمُ بن الحسين الحافظ، قال: ثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، قال: ثنا عَزْرَةُ بن قيسٍ، قال: حدَّثتنا أمُّ الفيض، قالت: سمعت عبدَ الله بن مسعود ﵁ يقولُ: «مَا مِنْ عبدٍ ولا أَمَةٍ دَعَا اللهَ ليلةَ عرفةَ بهذهِ الدعوَاتِ، وهي عشرُ كلمات، ألفَ مرة، (٤) إلَّا لم يَسْألِ اللهَ شيئًا إلا أعطاهُ إياه، إلا قطيعَةَ رَحِمٍ أو مأثم: سبحان الذي في السماءِ عَرْشُهُ، سبحان الذي في الأرض موطئُه (٥)، سبحان الذي في البحر سبيله، سبحان الذي في الجنة رحمته، سبحان الذي في النار سلطانه، سبحان الذي في الهَوَاء رَوحُه، سبحان الذي في القبور قضَاؤه، سبحان الذي رفع السماءَ، سبحان الذي وضعَ الأرض، سبحان الذي لا مَلجأ ولا منْجى منه إلا إليه». قالت أم الفيض: فقلت لعبد الله بن مسْعود: أأنت سمعت هذَا من رسُول الله ﷺ؟ فقال:«نعم».
قال البيهقي: روَاه عاصِم بنُ علي، عن عَزْرَة، فزاد فيه:«وأن تكون على وُضوءٍ». وَزاد في آخره:«فإذا فرغتَ صليتَ على النبي ﷺ، واستأنفتَ حَاجتكَ».
قلت: وهذه الزيادةُ تفيد أن التسبيحَ المذكورَ مقدَّمةُ الدُّعاء، لا نَفْسُ الدعاءِ. والله أعلم.
وبهذا الإسناد (٦) إلى الحافظ أبي جعفر أحمد بن عبيد، قال: ثنا علي بن الحسن الطَّيَالِسِيُّ، قال: ثنا أبو إبراهيم الترجماني، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد الطلحِي، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المُحاربيُّ، قال: ثنا محمد بن سُوْقَةَ، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله ﵄، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من مسلم يقف عَشِيَّةَ عَرَفة بالمَوقِفِ، فيَستقبل القبلةَ بوَجْهِهِ، ثم يقولُ: لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد، وَهو على كل شيء قدير، مائة مرة، ثم يقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، مائة مرة، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وعلينا معهم، مائة مرة، إلا قال الله ﵎: يا مَلائكتي، ما جزاء عبدي هذا، سبَّحني، وهَللني، وكبَّرني، وعظمني، وعرفني، وأثنَى عليَّ، وصلى على نبيِّي، اِشهدُوا أني قد غفرتُ له، وشفعته في نفسه، ولو سألنِي عبدي هذا لشفعته في أهل الموقف كلهم».
هذا حديث غريب.
أخرجه البيهقِيُّ في «شعب الإيمان»(٧)، وقال:«ليس في إسناده من نُسِبَ إلى الوضع».
قلت: كلُّهُم موثقون إلا الطلحيَّ، فإنه مجهول، وقد صوَّبَ البيْهَقِيُّ أَنْ اسمَهُ: عبْدُ الله. قال: «وكذلك رواه محمد بن بشر بن مطر عنه (٨)، فسماه: عبدَ الله».
أخبرني الإمام شيخ الإسلام أبو الفضل بن الحسين ﵀، قال: أنا عبدُ الله بنُ محمد، قال: أنا علي بن أحمد، عن محمد بن أبي زيد، قال: أنا منصورُ بن إسماعيل، قال: أنا أبو الحسين الأصبهانيُّ، قال: أنا الطبراني (٩)، قال: ثنا محمد بن أبان، قال: ثنا محمد بن عَبَادة -بفتح العين، وتخفيف الموحدة- الواسطي (١٠)، قال: ثنا يعقوب بن محمد الزهري، قال: ثنا محمد بن معنٍ الغِفَارِيُّ، عن عُمَارة ابن صَيَّادٍ، عن جابر بن عبد الله ﵄، قال: رأيتُ رسُولَ الله ﷺ وهو وَاقفٌ على القَرْن (١١) يوم النحر، وهو يقول:«يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أسْتغيث، فاكفِني شأني كلَّه، ولا تكِلني إلى نفسي طرفة عَين».
هذا حديث حسن غريب.
ويعقوب بن محمد وثقوه، وفيه مقال، ويقال: إن البخاري أخرج عنه (١٢). وعُمَارَة وثقه مالك (١٣). والغفاري من رجال الصحيح (١٤)، وكذا الواسطي (١٥).
والله أعلم. (١٦)
* * *
(١) في (ص): «المجلس ٥٢٤ من تخريج أحاديث الأذكار، وهو ٩٠٤ من أمالي سيدنا ومولانا شيخ الإسلام المصرية، وهو أول مجلس أملاه بدار الحديث الكاملية؛ مدرسة الكامل، بين القصرين». وفي (س): «ثم أملى ﵁ من لفظه، وأنا أسمع، فقال». (٢) «فضائل الأوقات» (٢٠٧). (٣) وقع في مطبوعتي «فضائل الأوقات» -وهو مصدر المؤلف-: «حدثنا أبو عبد الله الحافظ وعبدان بن يزيد الدقاق»، وفيه سقط سببه انتقال النظر بين كلمتي «الحافظ»، يبيِّنه أن البيهقيَّ لا يدرك عبدان، وأنه كرَّر الحديث في «الدعوات الكبير» (٥٣٨)، فجاء فيه على التمام، وكذا في تخريج ابن عساكر له من طريقه في «فضل يوم عرفة» (١٤). (٤) وقع في الأصلين هنا مضروبًا عليه: «يعني: كل واحدة مائة، كما تقدم»، وكأنَّه من شرح المؤلف وبيانه للمعنى، غير أن ناسخ (ص) ضرب على «إلا» التالية فيما ضرب، والصواب إثباتها كما في (س). (٥) في حاشية (س) مرموزًا له برمزها: «يعني: موطئَ عبادِهِ فيها، بأمره وإذنه ﷾»، كذا قال، ولأهل السنة في معنى الحديث -إن صح- وأمثالِه أقوالٌ تراجع في موضعها. (٦) «فضائل الأوقات» (١٩٦). (٧) (٣٧٨٠). (٨) كذا في الأصلين، والصواب -كما في كلام البيهقي- أن ابن مطر يرويه عن أبي إبراهيم الترجماني، عنه. (٩) «الدعاء» (٨٨٠). (١٠) «الواسطي» ملحقة في الأصلين، فألحقها ناسخ (ص) هنا، وألحقها ناسخ (س) بعد: «عَبَادة»، والأول أولى. (١١) في حاشية (س) مرموزًا له برمزها: «قوله: «على القرن» أي: على طرف الجبل». ووقع عند الطبراني في مصدر المؤلف: «يعني: قرن الثعالب». (١٢) قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٧٨٣٤): «صدوق، كثير الوهم والرواية عن الضعفاء»، وقال في «هدى الساري» (ص ٤٥٩): «علَّق له البخاريُّ موضعًا واحدًا في حد جزيرة العرب». وانظر: «تهذيب التهذيب» (١٤/ ٨٨٠). (١٣) روى عنه في «الموطأ» (١/ ٢١٠، ٢/ ٤٨٦)، وكان لا يقدِّم عليه في الفضل أحدًا -كما قال ابن سعد-. انظر: «تهذيب التهذيب» (٩/ ٦٢٨). وقد قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٤٨٥١): «ثقة فاضل». (١٤) أي: «صحيح البخاري» (٥٩٨٥). قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٦٣١٥): «ثقة». (١٥) «صحيح البخاري» (٦١٠٦، ٧٢٨١). قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٥٩٩٧): «صدوق فاضل». (١٦) في (ص): «آخر المجلس ٥٢٤ من تخريج أحاديث الأذكار، وهو ٩٠٤ من الأمالي المصرية بدار الحديث، في ٤ جماد ٢». وفي (س): «آخر المجلس الرابع والعشرين بعد الخمسمائة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الرابع بعد التسعمائة من الأمالي المصرية، وهو الأول بدار الحديث الكاملية، مما أملاه من لفظه وحفظه شيخ الإسلام المشار إليه فيه، فكتبتُه عنه حالةَ العرض والإملاء. المستملي: زين الدين رضوان العُقبي. وأجاز المملي المشار إليه فيه رواية ذلك جميعه، وجميع ما يجوز له وعنه روايته بشرطه، متلفظًا بذلك بسؤال المستملي له في ذلك عقبه. بتاريخ رابع شهر جمادى الآخرة، سنة تسع وأربعين وثمانمائة. رواية كاتبه العبد الفقير إلى الله -تعالى-: محمد بن محمد بن علي الخطيب اليلداني عنه -كما تقدم-، [وسمعه الولد محمد -أمتعني الله به صالحًا، آمين-]». وستأتي في مطلع المجلس التالي -إن شاء الله- الإشارةُ إلى سبب انقطاعِ الإملاء في الأسبوع السابق (٢٧ جمادى الأولى)، وانتقالِ المؤلف من دار الحديث البيبرسية إلى دار الحديث الكاملية، وما أملى على إثر ذلك، والله المستعان.