المجلس (٤٣٦): أذكار عشر ذي الحجة.
المجلس ٤٣٦ من «تخريج أحاديث الأذكار»، وهو ٨١٦ من أمالي سيدنا شيخ الإسلام
قال ﵁:
أخبرني المسند أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن عَقيل، أنا أبُو الفرج القُدامِي، أنا أبو العباس النابُلسي، أنا أبُو الفرج الثقفي، أنا أبو القاسم التيمي، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أنا أبو محمد بن يحيى. ح
وقرأته عاليًا على أم يوسف الصالحية -بها-، عن عبد الرحمن بن مخلوف، أنا جعفر بن علي، أنا أبو الطاهر الحافظ، أنا أبو الخطاب القارئ، أنا عبد الله بن عبيد الله بن يحيى:
أنا الحسين بن إسماعيل المحاملي (١)، ثنا أبو هشام الرفاعي، ويوسف بن موسى، قالا: ثنا وكيع، ثنا موسى بن عبيدة -يعني: عن عبد الله بن عبيدة-، عن علي بن أبي طالب ﵁، قال: كان أكثر دعاء النبي ﷺ عشية عَرَفة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. اللهم اجعل في سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي قلبي نورًا. اللهم اغفر لي ذنبي، ويسر لي أمري، واشرح لي صدري. اللهم إني أعوذ بك من وسواس الصدر، ومن شتات الأمر، ومن عذاب القبر. اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، وما يلج في النهار، ومن شر ما تهب به الرياح، ومن شر بوائق الدهر».
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
أخرجه البيهقي في «السنن الكبير» (٢) من طريق عبيد الله بن موسى، عن موسى بن عُبيدة، عن عبد الله بن عُبيدة -وهو أخوه. ولم يقع في رواية المحاملي ذكر عبد الله، فلذلك قلت: يعني.
ووقع لنا عاليًا من الطريق الثانية.
ثم وجدت الحديث في «مسند إسحاق بن راهويه» (٣)، أخرجه عن وكيع، فوافقناه بعلو، وثبت في روايته ذكر عبد الله بن عبيدة.
وقدمْت (٤) أن موسى ضعيف (٥)، وأن أخاه لم يسمع من علي (٦)، لكن وقع لنا من وجه آخر عن علي مقطَّعًا:
أخبرني الإمام حافظ العصر أبو الفضل بن الحسين ﵀، أخبرني عبد الله بن محمد العطار، أنا أبو الحسن بن أبي العباس، عن أبي عبد الله بن أبي زيد، أنا أبو القاسم الأشقر، أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنا أبو القاسم الطبراني (٧)، ثنا الحسن بن المثنى، ثنا عفان بن مسلم، ثنا قيس بن الربيع، ثنا الأغر بن الصباح، عن خليفةَ بن حصين، عن علي ﵁، أن رسول الله ﷺ قال: «أفضل ما قلت أنا والنبيون قبلي عشية عرفة»، فذكر مثل رواية النضر (٨)، ليس فيه: «بيده الخير».
وأخرج ابن خزيمة (٩) بقيته من وجه آخر عن قيس، ورُواته ثقات، لكن قيس كان اختلط، فيتقوى المتن بشواهده.
وبهذا السند إلى الطبراني (١٠): ثنا الفضل بن هارون البغدادي -صاحب أبي ثور-، ثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي، ثنا فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر ﵄، قال: كان عامة دعاء النبي ﷺ والأنبياء قبله عشية عرفة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».
هذا حديث غريب، أخرجه إسماعيل بن محمد الطلحي في كتاب «الترغيب والترهيب» (١١) من طريق أحمد بن إبراهيم الموصلي. فوقع لنا عاليًا.
وقال: «هذا إسناد حسن». قلت: فرج ضعيف، فكأنه حسنه لشواهده.
أخبرني عمر بن محمد، أخبرتنا عائشة الحرانية، قالت: أنا إبراهيم بن خليل، أنا منصور بن علي، أنا عبد الجبار الخُواري، أنا أبو بكر بن الحسين الحافظ (١٢)، أنا أبو علي الروذباري -بضم الراء، وسكون الواو، وفتح المعجمة والموحدة، وبعد الألف راء-، أنا الحسين بن الحسن الفسوي، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا الحسين بن الحسن المروزي -وكان جاور بمكة حتى مات-، قال: سألت سفيان بن عيينة عن تفسير هذا الحديث: «كان أكثر دعاء النبي ﷺ: لا إله إلا الله»، وإنما هي ذكر؟ فقال: أما سمعت حديث منصور، عن مالك بن الحارث، قال: يقول الله -تعالى-: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل»؟ قلت: نعم. قال: ذاك تفسير هذا. أما سمعت ما قال أمية بن أبي الصلت لما أتى ابنَ جُدعان يطلب معروفه؟ قلت: لا. قال: لما أتاه قال:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني * حَيَاؤُك إن شيمتَك الحياءُ
إذا أثنى عليك المرءُ يومًا * كفاهُ من تعرضك الثناءُ
قال سفيان: فهذا مخلوق نسب إلى الجود، فقيل له: كفانا تعرضك بالثناء عليك حتى تأتي على حاجتنا، فكيف بالخالق ﷾؟
وبالسند المذكور آنفًا إلى أبي القاسم التيمي: قال (١٣): وقال آخر:
وإذا طلبت إلى كريم حاجة * فلقاؤُه يكفيك والتسليم
وإذا مررت ببابه عرف الذي * ترجوه منه كأنه (١٤) مَلزُوم
آخر ٤٣٦ وهو ٨١٦.
* * *
(١) «الدعاء» (٥٩).
(٢) (٩٥٤٩).
(٣) «المطالب العالية» (١٢٣٩).
(٤) إشارةً في آخر المجلس السابق.
(٥) قال المؤلف في «تقريب التهذيب» (٦٩٨٩): «ضعيف».
(٦) انظر: جامع التحصيل (ص ٢١٤).
(٧) «الدعاء» (٨٧٤).
(٨) أي: عن أبي إبراهيم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، المارَّة في أوائل المجلس السابق.
(٩) سبق للمؤلف تخريجه منه في أواخر المجلس السابق.
(١٠) «الدعاء» (٨٧٥).
(١١) (٣٨٦).
(١٢) «فضائل الأوقات» (١٩٣).
(١٣) «الترغيب والترهيب» (١/ ٢٥٤)، عقب نقل كلام سفيان الماضي مختصرًا.
(١٤) في مصدر المؤلف: «حُمِّلتَه فكأنه»، وتحرفت في مطبوعته الكلمة التالية.