للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المجلس (٥٢٣): الدعاء بعرفات.

ثم أملى -أمتع الله ببقائه المسلمين- من لفظه، وَأنا أسمع، فقال:

قوله (١): «ومن الأدعية المختارة»، إلى آخِره.

قلت: هذا الذي ذكرَه مجمُوع من أحاديث:

تقدم الأول (٢) منها قريبًا (٣)، ويأتي قريبًا -أيضًا- (٤).

وَالثاني (٥): تقدم -أيضًا- في باب «الدعاء بعد التشهد» (٦).

وَالثالث (٧): لم أقف عليْه مُسنَدًا.

وَالرَّابعُ (٨): تقدم في باب «ما يقول مَنْ عليْه دَيْنٌ» (٩).

والخامس (١٠): وقع بَعضُهُ في حديث أبي سَعِيد، بسنَدٍ ضعِيف، في «مسند الفردوس» (١١).

وورد في الدعاء بعرفة عِدَّةُ أحَادِيثَ غيرُ هذه:

قرأت على التقِي أبي محمد بن عُبَيْدِ الله، وَالعِمادِ أبي بَكر بن محمد بن أبي عُمَرَ، والزيْنِ عمر بن محمد بن أحمد، الصالحيين -بهَا-، وكتب إلينا أبو الخير ابنُ الحافظِ أبي سعِيدٍ من بيتِ المقدس، قالوا: أنا أبو محمد بن الحسين الأنصارِيُّ -قال الأخِيرُ: سماعًا، وقال الثلاثة: إن لم يَكن ولو لبَعضٍ فإجَازة-، قال: أنا إبراهيمُ بن خليل، قال: أنا يحيى بن محمُود، قال: أنا أبو عدنان بنُ أبي نِزَار، وفاطمةُ بنتُ عبد الله، قالا: أنا محمد بن عبدِ الله، قال: أنا سليمانُ بنُ أحمد (١٢)، قال: ثنا عبْدُ الملكِ بن يحيى بن بُكيْر، قال: حدثني أبي، قال: ثنا يَحيى بنُ صَالح الأَيْلِيُّ، عن إسماعيلَ بنِ أُمَيَّةَ، عن عطاء بن أبي رَبَاحٍ، عن ابن عباسٍ ، قال: كان مِنْ دُعاءِ النبي عَشية عَرَفَةَ: «اللهُمَّ إنكَ ترى مَكاني، وتسمَعُ كلامِي، وتعْلَمُ سرِّي وَعَلانيتي، ولا يَخفَى عليكَ شيءٌ مِنْ أمْرِي، أنا البَائسُ الفقير، المستغيث المستجير، الوَجِلُ المُشْفِقُ، المقِرُّ المعترفُ بذَنبه، أسألكَ مسألةَ المِسكين، وَأبتهلُ إليك ابتهالَ المذنبِ الذليل، وأدعوك دعاء الخائف المضرور، مَنْ خضعت لك عنقُهُ، وعَمِلَ (١٣) لك جسده، ورغم لك أنفُهُ، اللهم لا تجعلنِي بدعائك شقيًّا، وكن بي رؤوفًا رحيمًا، يا خَيْرَ المسؤُولين، ويا خيرَ المعْطِين».

(١٤) وبه: قال سليمان: «لم يروه عن عَطاءٍ إلا إسماعيلُ، ولا (عنه) (١٥) إلا يحيى بن صالح، تفرد به يحيى بن بكير».

قلت: كلهم ثقات، إلا ابن صالح، فضعفه يحيَى بنُ مَعين، والبخاري (١٦).

وقد وقع لنا من وجهٍ آخر عن يحيى بن بكير، فيه زيَادَة:

قرأت على شيخنا إمامِ الحُفَّاظ أبِي الفضل بن الحسين، بالسند الماضي مرارًا إلى الطبَراني في «الدعاءِ» (١٧)، قال (١٨): ثنا يحيى بن عثمان بن صالح، وعَمْرُو بنُ أبي الطاهِرِ بن السَّرْحِ، وأحمدُ بن رِشْدِينَ، المِصْريون، قالوا: ثنا يحيى بن بكير، فذكرَهُ، وَزَادَ: «في حجة الوَدَاع»، وقالَ فيه: «من خَضعَت لك رقبتُهُ» (١٩)، وزَاد: «وفاضت لك عيْناه».

وبهذا السند المذكور إلى الطبراني في «الدعاء» (٢٠)، قال: ثنا علِيُّ بن عبْد العزيز، قال: ثنا حجاجُ بن مِنهال، قال: ثنا حمادُ بن سلمة، عن عاصِمٍ الأحولِ، عن عبْدِ الله بن الحَارِثِ، أن ابنَ عُمَرَ كان يَرفع صَوتَهُ عَشِيةَ عرَفة، يقول: «لا إِلهَ إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. اللهم اهدِنا (بالهُدَى) (٢١)، وزَيِّنا بالتقوى، واغفِر لنا في الآخِرةِ وَالأُولى»، ثم يخفضُ صوته، يقول: «اللهم إني أسْألك من فضلك وَعَطائك رِزْقًا طيبًا مُبَاركًا. اللهم إنك أمرتَ بالدعاءِ، وقضيتَ على نَفسِك بالإجَابَةِ، وإنك لا تخلِفُ وَعْدَكَ، ولا تنكُث عَهْدَك. اللهم مَا أحْببْتَ مِنْ خَيْرٍ فحبِّبْهُ إليْنا، ويَسِّرْه لنا، وَمَا كَرِهتَ من شرٍّ فكرِّهْهُ إلينا، وجَنِّبناهُ، ولا تَنزِعْ منا الإسْلامَ بعد إذْ أعطيتناهُ».

هذا موقوف صحِيح الإسناد.

وقرأت على أبي العباس؛ أحمدَ بن الحسنِ الزينبيِّ، عن زينبَ المقدسِيَّةِ، عن يوسُفَ بن خليل الحافظ، قال: أنا محمدُ بن إسماعيل الطَّرَسُوسِيُّ، قال: أنا أبو القاسِم الأشقَرُ، قال: أنا أبو بكر بن شاذَان، قال: أنا أبو بكر القباب، قال: ثنا أبو بكر بن أبي عَاصِم (٢٢)، قال: ثنا عبد الوَارث بن عبْد الصمد، (٢٣) قال: ثنا عَزْرَةُ أبو عَاصِم: سمِعْتُ أمَّ الفيض -مولاةَ عبدِ الملِكِ بن مروان-، (تقول) (٢٤): سمعت عبدَ الله بنَ مسعود يقول: «مَنْ دَعَا بهذا الدُّعاءِ عشيَّةَ عَرَفة ألفَ مرَّةٍ، استُجِيْبَ له، مَا لم يَدْعُ بإثْمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ: سُبْحان الذي في السماء عَرْشُهُ، سُبحان الذي في الأرضِ مَوطئُهُ، سبحان الذي في البحر سبيلهُ، سبحان الذي في النار سُلطانه، سبحان الذي في الهَواءِ روحُهُ، سبحان الذي في القبور قضاؤه، سبحان الذي رفع السَّماء، سبحان الذي وضَعَ الأرضَ، سبحان الذي لا مَلْجَأ مِنهُ إلَّا إليه». فقلتُ: أنت سمعتَ هذا من رسول الله ؟ فقال: «أنا».

وقرأته عَالِيًا على أبي الفَضل الحافِظِ، بالسند المذكور إلى الطبراني (٢٥)، قال: ثنا العباس بن الفَضْل، قال: ثنا موسى بن إسْماعيل، قال: ثنا عَزْرَةُ بنُ قَيس، فذكره. وقال في أوله: قال رسول الله : «مَا مِنْ عبدٍ دَعَا بهَذه الدعَوَات»، وَزَاد: «وهي عشرُ كَلِمٍ»، وقال في روايته: «إلا لم يسْأل رَبَّهُ شَيئًا إلا أعطاه»، وَزاد فيه: «سبحان الذي في الجنة رحمته».

هذا حديث غرِيبٌ.

وعَزْرَةُ المذكور -بفتح المهملة، وسكون الزاي المنقوطة، بعدها مهملة- فيه لِيْنٌ (٢٦).

وأم الفَيْض لا يُعرَف اسْمُها ولا حَالها (٢٧).

والله أعلم. (٢٨)

* * *


(١) «الأذكار» (ص ٣٢٧).
(٢) قوله: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار».
(٣) المجلس (٥٢١)، «نتائج الأفكار» (٥/ ٢٦٦ - ٢٧٤).
(٤) في المجلس (٥٢٩).
(٥) قوله: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم».
(٦) «نتائج الأفكار» (٢/ ٢٢١ - ٢٢٤).
(٧) قوله: «اللهم اغفر لي مغفرة تصلح بها شأني في الدارين، وارحمني رحمة أسعد بها في الدارين، وتب عليَّ توبة نصوحًا لا أنكثها أبدًا، وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغ عنها أبدًا».
(٨) قوله: «اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة، وأغنني بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك».
(٩) «نتائج الأفكار» (٤/ ١٢٦ - ١٢٧)، وليس فيه قوله: «اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة»، وهذا إنما يروى من دعاء إبراهيم بن أدهم.
(١٠) قوله: «ونور قلبي وقبري، وأعذني من الشر كله، واجمع لي الخير كله».
(١١) التقطه المؤلف في «غرائبه» (٥٩٥، ٢٥٤٥)، وهو من حديث خالد بن يزيد العمري، عن ابن أبي ذئب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد. وسيسوق المؤلف أحدَ لفظَيه، ويتكلم على راويه، في المجلس (٥٢٩).
(١٢) «المعجم الصغير» (٦٩٦).
(١٣) كذا في الأصل مضبوطًا، والذي في مصدر المؤلف: «وذلَّ»، وهو الصواب، ولعل ما في الأصل تصحيفُ سمعٍ من الناسخ.
(١٤) هنا بدأ هذا الموضع من النسخة (ص)، وسأرمز للأصل المعتمد في المجالس السابقة بـ (س)، وأختار في النص الأصوب منهما.
(١٥) في (س): «عمرُو»، ولعله تصحيفُ سمعٍ أو سبق قلم، والصواب المثبت.
(١٦) كذا، ويظهر أنه وهم، فقد ترجم المؤلف ليحيى بن صالح في «تهذيب التهذيب» (١٤/ ٤٨٢) -تمييزًا-، وفي «لسان الميزان» (٨/ ٤٥١)، فلم يذكر فيه لابن معين والبخاري شيئًا، وكذا ترجمه العقيلي في «الضعفاء» (٤/ ٢٥٣)، وابن عدي في «الكامل» (١٠/ ٦٣٥)، فضعَّفاه من قِبَلهما بلا نقلٍ عن أحد. والمشهور ممن اسمه يحيى بن صالح: الوحاظي، وهذا قد وثَّقه ابن معين، ولم أجد فيه للبخاري تضعيفًا، وهو من رجال «التهذيب». والله أعلم.
ويبقى -مع ذلك- ضعف الإسناد بضعف يحيى بن صالح الأيلي، بل بنكارة أحاديثه عن إسماعيل بن أمية خاصة -كما بيَّن العقيلي وابن عدي في الموضعين المحال إليهما-.
وشيخ الطبراني: عبد الملك بن يحيى بن بكير، لم أقف له على حال، لكنه متابَعٌ في هذا الحديث -كما سيأتي-.
(١٧) (٨٧٧).
(١٨) لم تقع: «قال» في (ص)، وكذلك اختُصرت في مواضع عديدة من الأسانيد لاحقًا، فاكتفيتُ بهذا التنبيه عن بيان ذلك في كل موضع.
(١٩) كذا، وقوله: «خضعت» هو في المتن أعلاه، والصواب هنا: «خشعت». وأما قوله: «رقبته»، فهو في «الصغير» و «الدعاء» معًا كذلك، وإنما رواه المؤلف بالمعنى أولًا في قوله: «عنقه».
(٢٠) (٨٧٨)، وأخرجه في «فضل عشر ذي الحجة» (٥٥) -أيضًا-.
(٢١) في (ص): «للهدى»، والمثبت من (س) هو الموافق لما في مصدر المؤلف.
(٢٢) في «الدعاء»، وهو مما لم يبلغنا من مصنفاته.
(٢٣) يظهر أنه سقط على المؤلف هنا: «ثنا أبي»، فطبقة عبد الوارث لا تلحق سماع عزرة، وكل ما وقفتُ عليه من رواية ابنِ أبي عاصمٍ عنه إنما يرويه عن أبيه.
(٢٤) في (س): «قالت»، وكأنها كانت كذلك في (ص)، فصوَّبها إلى المثبت، وهو أوفق للسياق.
(٢٥) «الدعاء» (٨٧٦)، وأخرجه في «الكبير» (١٠٥٥٤) و «فضل عشر ذي الحجة» (٥٣) -أيضًا-، باختلافٍ في صيغة رفع الحديث.
(٢٦) قال ابن معين: «ضعيف»، وقال: «لا شيء»، وقال البخاري والعقيلي: «لا يتابع على حديثه»، وذكره الدولابي في الضعفاء، وقال ابن حبان: «منكر الحديث على قِلَّته، لا يعجبني الاحتجاجُ به إذا انفرد». انظر: «ضعفاء العقيلي» (٣/ ٣٠٧)، «المجروحين» (٢/ ١٩٧)، «لسان الميزان» (٥/ ٤٣٢).
(٢٧) لم أجد لها ترجمة، ولا ذِكرًا في غير هذا الحديث. والحديث ذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» (١١٥٨، ١١٥٩)، وتعقَّبه السيوطي في «اللآلئ» (٢/ ١٠٢) بعدم مقتضي الوضع، فناقشه المعلمي في حاشية «الفوائد المجموعة» (ص ١٠٣) بقوله: «أم الفيض لا تعرف، والخبر منكر سندًا ومتنًا، وكيف ينفرد هذا الواهي عن امرأة لا تعرف عن ابن مسعود بمثل هذا ويقبل منه؟».
(٢٨) في (ص): «آخر المجلس ٥٢٣، وهو ٩٠٣ من الأمالي المصرية، في ٢٠ جماد ١».
وفي (س): «آخر المجلس الثالث والعشرين بعد الخمسمائة من تخاريج أمالي الأذكار، وهو الثالث بعد التسعمائة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية -رحم الله واقفها-، مما أملاه من لفظه وحفظه شيخ الإسلام، حافظ العصر، المشار إليه فيه، فكتبته عنه حالة العرض والإملاء. المستملي: زين الدين رضوان العُقبِي. وأجازَ المملي المشار إليه رواية ذلك جميعه، وجميع ما يجوز له وعنه، متلفظًا بذلك بسؤال المستملي المذكور في عقبه، بتاريخ تاسع عشر شهر جمادى الأول، سنة تسع وأربعين وثمانمائة. رواية كاتبه الفقير محمد بن محمد بن علي الخطيب اليلداني عنه [وسمعه الولد محمد -أنشأه الله نشأً صالحًا-]».
ويلاحظ اختلاف الناسخَين في تأريخ اليوم، والصواب مع ناسخ (ص)، مراعاةً لموافقة يوم الثلاثاء، ولتأريخات المجالس السابقة، وكذا أرَّخ السخاويُّ واقعةً وقعت للمؤلف في يوم الثلاثاء، العشرين من جمادى الأولى، وستأتي الإشارة إليها -إن شاء الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>