فلما صليت العشاء فإذا رجل أمامي أحرم بنافلة، فاستفتح ﴿إذا السماء انفطرت﴾ فلم يزل فيها حتى نادى منادي السحر، فسألت عنه فإذا هو سعيد بن جبير.
وبه إلى أبي عبيد ثنا قدامة بن محمد عن امرأة من آل عامر بن عبد قيس بن عامر بن عبد قيس قرأ ليلة سورة المؤمن، فلما انتهى إلى هذه الآية ﴿وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين﴾ فكظم فلم يزل يرددها حتى أصبح.
وبه إلى أبي عبيد، حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عاصم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان قال: وفدنا على سليمان بن عبد الملك ومعنا عمر بن عبد العزيز، فنزلت على ابنه عبد الملك بن عمر وهو عزب، فكنت معه في بيت فصلينا العشاء، ثم أوى كل منا إلى فراشه، ثم قام عبد الملك إلى المصباح فأطفأه وأنا أنظر إليه، ثم قام يصلي، فذهب بي النوم، ثم استيقظت فإذا هو في هذه الآية ﴿أفرأيت إن متعناهم سنين. ثم جاءهم ما كانوا يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون﴾ فيبكي، ثم يرجع إليها، فإذا فرغ منها فعل مثل ذلك حتى قلت: سيقتله البكاء، فقلت: لا إله إلا الله والحمد لله كالمستيقظ، فلما سمع ذلك سكت حتى لا أسمع له حسًا.
وأخرج محمد بن نصر من طريق هارون بن رئاب -بكسر الراء وياء مهموزة وآخره موحدة- أنه قرأ هذه الآية: ﴿فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا﴾ فجعل يبكي، ويرددها حتى أسحر.