هذا الباب معقود للمسائل التي اجتهد فيها لنفسه، وخرج بها عن مذهب الشافعي، وإن كان ربما وافق في بعضها قولاً، أو وجها ضعيفاً في المذهب، وهذا الباب - وإن عظمت فائدته - فجدواه بالنسبة إلى الشافعية ليست كالبابين قبله؛ فإنَّ الأخذ برأي الشيخ الإمام في هذه المسائل مقلد له لا للشافعي.
فنقول - مستعينين بالله فيما نأتي ونذر:
قد كان الشيخ الإمام ﵀ رجلاً - فيما نعتقد - من كبار المجتهدين، وكانت المسائل التي تمر عليه في مذهب الإمام الهادي رضوان الله عليه - على ما فهمته من حاله، وتيقنته من أمره، ولا ينبئك مثل خبير - ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما وافق اجتهاده فيه اجتهاده، فهو موافق للإمام الهادي لا مقلد (١)، إذ لا يقلد مجتهد مجتهداً.
وقد أشار ﵀ إلى ذلك في كثير من المسائل، فقال في «شرح المنهاج» فيما إذا مات أحد الزوجين قبل الفرض والمسيس، وقد وافق النووي على تصحيح القول بوجوب المهر:«حرَّرتُ هذه المسألة، وأشرق بها باطني»(٢).
وقال في عدد كثير من المسائل:«ذهب الشافعي إلى كذا، وهو المختار».
وقال في «فتاويه» في مسألة الساحر هل يُقتل؟: «ذهب الشافعي إلى أنه يعزر ولا يُقتل، ومالك إلى أنه يُقتل، والأولى مذهب الشافعي؛ لعدم قيام الدليل على خلافه»(٣).
(١) زاد في ظ ٢: (له). (٢) انظر: الابتهاج ص ٤٤٤. (٣) انظر: فتاوى السبكي: (٢/ ٣٢٥).