للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباطن فليس دونه شيءٌ، الحي محيي كل شيءٍ، العليم لا يخفى عليه شيء، القدير لا يعجزه شيء، السميع وَسِعَ سمعه الأصوات، فلا يختلف عليه شيء، البصير يرى أدق من الشعر في أشد ظلاما من الليل من وراء الأستار والحجب، واضحا كوضوح كل شيء، الباقي الذي لا يؤثر فيه شيء، وهو المؤثر في كل شيء.

كل شيء هالك إلا وجهه، خالق كل شيء، لم يخلق الأشياء بأصول أولية، ولا بأوائل كانت قبل، بل خلق ما خلق فأقام خلقه، وصوّر ما صور فأحسن صورته، له الإرادة القديمة، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ليس لشيء منه امتناع، ولا له بطاعة شيء من خلقه انتفاع، لا يجري في الوجود نفع أو ضُر، عطاء أو منع، موت أو حياة، إلا بإرادته.

الواحد (١) الأحد، الفرد الصمد، الذي ليس بجسم مصور، ولا جوهر محدَّد (٢)، من زعم أنَّ إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود، ومن زعم أن الأماكن به تحيط، فقد لزمته الحيرة والتخليط، بل هو المحيط بكل مكان، مُقَدَّس عن الجهات، منزه عن المماشات، رفيع الدرجات، ذو العرش، يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده، استوى على العرش على الوجه الذي قاله، وبالمعنى الذي أراده، لا ننقص منه، ولا نزيده.

لا يحمله العرش، بل العرش وحَمَلتُه محمولون بعظيم قدرته، ولطيف صنعته، القرآن كلامه غير مخلوق، كلَّم موسى تكليما بلا جوارح ولا أدوات،


(١) في ز، ك، م: (هو الواحد).
(٢) في ظ ٢: (محدود).

<<  <   >  >>