للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«التوشيح»، فقد قيل على الجملة بتحليف من هذه صفته، فلا يبعد الخلاف هنا.

ومنها: إذا غلب على الظن أن أحد اللفظين غير مقصود به ما فهم عنه من المخالفة، كقول الغزالي: «وما عداها - يعني الجنايات الموجبة للحد - يوجب التعزير» (١)، قد يُفهم قوله: «يوجب التعزير» أنَّ التعزير واجب، ويتطرّق منه إلى اعتراض عليه، فإن التعزير عندنا - معاشر الشافعيين - لا يجب، وإنما يتبع الإمام المصلحة، ولم يُحكَ وجوبه إلا عن أبي حنيفة، وفي حق الله على وجه، وقد اتَّبع صاحبًا «التعجيز» و «التمييز» الغزالي في هذه العبارة.

والخلل هنا من الفاهم، فإنَّ معنى قوله: «يوجب»: يقتضي، وقد يقال: هذا (٢) مُوجَبُ هذا، أي: مقتضاه، لا أنه يصير واجبًا شرعًا، وكذلك (٣) قال الغزالي عقبه: «وأما أصل الوجوب فهو إلى رأي الإمام، وقد يرى العفو» (٤)، انتهى، فبان بهذا معنى الوجوب في كلامه، وقد يقال: معنى الوجوب أنه يجب على مرتكب الذنب أن يمكّن من نفسه، أو أنه يجب شرعاً إذا تعين مصلحة.

ومنها: أن يقع ذكره للتمثيل مع ذكر غيره، فنعرف أن الذهن سرى إلى التمثيل به وعده من غير تأمل مع غير شبهة.

ومن غريب ذلك: الشهادة على اليد بالاستفاضة، عدها الرافعي في أوائل الباب الثالث في «مستند علم الشاهد» مما لا يجوز، فإنه قال: «إنَّ الأفعال كالزنا


(١) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٢٨٧).
(٢) في ق: (إن هذا).
(٣) في ز، ق، ص: (ولذلك).
(٤) انظر: الشرح الكبير: (١١/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>