وقد اشتهر إمامنا الشافعي ﵁ بطهارة اللسان وصونه عن أن يلفظ إلا بجميل ما أمكنه، حتى لقد تصفحت مسألة الاقتداء في الصلاة بالفاسق في كتب غالب الطوائف، فلم أجد من يكف لسانه عن وصف الحجاج بالفسق، لا من السلف ولا من الخلف، إلا الشافعي ﵁.
فوجدتُ عبارته فيه في «المختصر»: «وإن أَمَّ مَنْ بلغ غاية في خلاف الحمد من الدين أجزأ، صلَّى ابن عمر خلف الحجاج»(١)، انتهى. فإذا كان هذا أدبه مع موسوم بسمة الإسلام، مع تصريح أكثر السلف بفسقه وفعاله المشهورة (٢)، فما الظن به في مقام النبوة؟
أدب وإرشاد:
وقد سبق العلماء إلى حُسنِ الأدب مع (٣) رسول الله ﷺ إمامنا الشافعي، فمن نظر نصوصه قضى العجب من حسن مسالكه في الأدب مع سيدنا رسول الله ﷺ، وله الله حيث يقول:«وقطع رسول الله ﷺ امرأة لها شرف، فكلم فيها فقال: «لو سرقت فلانة - لامرأة شريفة - لقطعتُ يدها»(٤)، فانظر قوله:«فلانة»، ولم يبح باسم فاطمة تأدبا معها ﵂ أن يذكرها في هذا المعرض، وإن كان أبوها ﷺ قد ذكرها؛ لأن ذلك من رسول الله ﷺ حَسَنُ، دال على أن الخَلْقَ
(١) انظر: مختصر المزني: (٨/ ١١٧). (٢) في ز، ك، ص، ق: (أدبه مع من صرح أكثر السلف بفسقه وفعاله المشهورة؛ لكونه موسومًا بسمة الإسلام). (٣) كذا في ظ ١، ظ ٢، وزاد في بقية النسخ: (سيدنا). (٤) انظر: الأم: (٦/ ١٩٠).