للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخطر لي أن يكون مراد الوالد بالوجه الأول الضرب في حياة المعتق لِمَا فضل عنه على عصبته، ثم لما فضل عنهم على عصبتهم، فإنَّ الرافعي سكت عما يفضّل عنهم؛ لأنه لم يفرع على الوجه الذاهب إلى الضرب على العصبة في حياة المعتق، هل إذا فضل عنهم يُضرب على عصبة العصبة كما هو أحد احتمالي الإمام في الفاضل عند موت المعتق أو لا؟ والشيخ الإمام لم يتكلم في حالة موت المعتق البتَّةَ، ولا غرَض له في كتاب «الغيث المغدق» فيها؛ لأنَّ غرضه إقامة الدَّلالة على أنَّ عصبة المولى موالي في حياة المولى.

فهذا خطر لي في معنى كلامه، غير أنه لا يتم؛ لأنَّ هذا قد قدمه الرافعي جازما به حيث قال: «إذا لم يكن للجاني عصَبَةُ نسب، أو كانوا ولم يَفِ التوزيع عليهم؛ تحمل معتقه، فإن لم يكن، أو فضَلَ عنه شيء تحمل عصبته من النسب، فإن لم يكونوا أو فضَلَ تحمَّل معتق المعتق، ثم عصباته» (١)، انتهى.

فكيف يقال: إنه وجه لم يذكره الرافعي، وقد جزم به؟! فليقض العجب من متفحص أشدَّ التفحص، نظره أتم نظرٍ، تُوقِعُه القدرة في مثل هذا!

وفي كلام ابن الرفعة وأكبر منه من هذا النوع ما لا أحصي له عددًا، وطالما نسب ابنُ الرّفعة إلى بعض الكتب المهجورة ما هو في «الرافعي»، وكذلك الرافعي طالما نسب ما هو مشهور في مذهبنا إلى بعض الكتب المهجورة، أو إلى الحنفية لمَّا عَزَّ عليه في مذهبنا، ومن ذلك ما نبه عليه النووي في «الروضة»، والاشتغال بمثل هذا - مع الإحاطة بتكاثره عن حد الإحصاء - تضييع للزمان.


(١) انظر: الشرح الكبير: (١٠/ ٤٦٨).

<<  <   >  >>