للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وإن أنكر الزوج الثاني وصدّق في أنه لا يلزمه إلا نصف المهر» (١).

قال الشيخ الإمام : «وكُله صحيح إلا دعواها الفراق، كيف يُقبل قولها فيه وقد أقرت بالزوجية؟ فكلامهم محمول على ما إذا لم تحصل منازعة، ولكنها ذكرت ذلك ذكرًا مُبْتَدَاً، فيُقبل قولها حينئذ؛ لأن الاعتماد في العقود على قول أربابها … » إلى آخر ما ذكره في «شرح المنهاج» (٢).

ولا خفاء في أنَّ الأصحاب إنما تكلموا على قبول قولها في إحلالها للزوج الأول، وما أرادوا تصديقها على الزوج الثاني، ولا يقول بذلك أحد، وليس في اللفظ صراحة فيه، وإنما شوّش الكلام قول الرافعي: «وإن أنكر الزوج الثاني وصدق في أنه لا يلزمه إلا نصف المهر»، وما مراد الرافعي إلا إنكار الزوج الثاني الإصابة، فإنه لمَّا خَشِيَ أن يُفهم من تصديقها - حيث لا منازع لها ولا معارض في هذه الأمور - أنه يُلزم الزوج الثاني بتمام المهر؛ لأنه من تمام تصديقها = نَبَّهَ على ما يدفع هذا من أنه لا يلزمه إلا النصف.

وكان غنيًا عن ذكر هذا على هذا الوجه المنبهم، وكان بين أمرين:

إما أن يضرِبَ عنه صفحاً؛ فإنَّ له مكانًا يخصه، ويكون في ذلك مقتديًا


(١) انظر: الشرح الكبير: (٨/ ٥٤).
(٢) جاء في حاشية ظ ١: (قال شيخنا الأذرعي في «الغنية» بعد كلام الرافعي والسبكي في ذلك ما هذا لفظه: «قلتُ: وفهم عن الرافعي غير مراده، وأطال الاحتجاج لما فهمه، وتكلف له ما ذكره، ومراد الرافعي بقوله: «وإن أنكر الزوج الثاني وصدّق في أنه لا يلزمه إلا نصف المهر» أي: أنكر الإصابة مع اعترافه بالنكاح والطلاق، وتصديقه في أنه لم يُصبها، وإنما طلقها قبل الدخول، وأنه لا يلزمه إلا نصف المهر فقط، هذا لا شك فيه ولا ارتياب، ولا حاجة إلى الإطالة في بيان ضعف بعض ما ذكره مستدلاً به لما فهمه»، انتهى).

<<  <   >  >>