للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد دل على ما حكاه الروياني كلام ابن أبي هريرة، بل نقل فيه الإجماع، فصار إمهال مدة قريبة للمناظرة - لا سيما إذا بان طلب الاسترشاد - إما مجمعاً عليه، وإما الصحيح من المذهب.

ووقع في «الروضة» أنَّ الأصح عند الغزالي المناظرة (١)، وأن حكاية الروياني عن النص عدمها، وهو سبق قلم، وينبغي أن يكتب موضع الأول في «الروضة»: الثاني، وموضع الثاني: الأول؛ ليستقيم على ما في (٢) الرافعي وعلى ما هو الواقع.

ورأيتُ في كتاب «القواطع» للإمام الكبير أبي المظفّر ابن السمعاني من أئمة أصحابنا في أوائل «باب القياس» بعد الكلام على أول واجب على المكلف ما نصه: «ولو قال الكافر: "أمهلوني لأنظر وأبحث"، فإنه لا يُمهل ولا يُنظَر، ولكن يقال له: أسلم في الحال وإلا فأنت معروض على السيف، ولا أعرف في هذا خلافاً بين الفقهاء، وقد نص عليه ابن سريج» (٣)، انتهى.

وقد يقول قائل: هذا تأييد لما رجحه الغزالي، ولكن جوابه أنَّ هذا في طلب الإمهال للنظر والبحث، وكأنَّ زمانه أوسع، أما طلب حَلَّ الشبهة فشيء آخر، ثم إنَّ هذا في الكافر الحربي لا المرتد، فتأمل ذلك.

ومسألة الكافر مليحة، يُحتمل أنَّ الحربي إذا قال وقد وقع في القبضة: "ارفعوا عني السيف مدة ما تناظرونني"؛ نرفعه ونناظره، ويُحتمل أن يقال: بل لا نسعفه، ويُحتمل أن يكون على الخلاف في المرتد.


(١) انظر: روضة الطالبين: (١٠/ ٧٦).
(٢) في ظ ١: (قال) بدل (في)، والمثبت من سائر النسخ.
(٣) انظر: قواطع الأدلة: (٢/ ٦٨).

<<  <   >  >>