معروف السُّبُلِ؛ ليُعرف مصرفه، فلو قال:"وقفته على ما شاء زيد"، كان باطلا، وهكذا لو قال:"وقفته فيما شاء الله"؛ كان باطلا؛ لأنه لا يعلم مشيئة الله فيه، فلو قال:"وقفته على من شئتُ "، أو:"فيما شئتُ"، فإن كان قد تعيَّن له ما شاءه ومن شاءه عند وقفه جاز وأُخِذ ببيانه، وإن لم يتعيَّن له لم يجز (١)». انتهى.
وتابعه عليه صاحب «البحر»، إلا أنه لم يجزم به، ولا ذَكَرَ الأخذ بالبيان، فقال: «وقيل: صحة الوقف معتبرَةٌ بخمسة شروط، أحدها: أن يكون معروف السبل، فلو قال:"وقفته على ما شاء زيد"، أو:"على من شئتُ"، أو:"فيما شئتُ " ولم يعين؛ لا يجوز، وإن عين من شاءه عند وقفه جاز» (٢)، انتهى.
فأما * مسألة:"في ما شاء الله" فقد تقدمت في الباب الأول، وأما "على من شئتُ فيما شئتُ، فالظاهر أنَّ مرادهما الإنشاء لا الإقرار، وقول صاحب «الحاوي»: «أُخِذَ ببيانه» كأنه لم يفرق بين البيان والتعيين، غير أنَّ موافقة الشيخ الإمام له في أنه يُسأل، فإن عَيَّنَ نُزِّل الوقف عليه؛ لا يظهر لي، بل الذي يظهر: أن الوقف باطل؛ لأنه لم يلاق معينا، وهو أولى بالبطلان من: "وقفته على أحدكما"، ولا قائل فيه بالصحة إلا احتمال عن الشيخ أبي محمد، وليس كالطلاق المبهم.
ولعلَّ الحامل له على حمل الكلام على الإقرار: استشكال الصحة في الإنشاء، غير أنه لم يتمم استشكالها فيه، بل وافق على أنه إذا عين نُزِّل عليه، وأَقْصَى ما قد يوجه به أن يقال: إذا قال: "وقفته على من شئتُ"، ونوى بقلبه