أبي الحسن الماوردي، و «المذهب الكبير» المسمى بـ «النهاية» لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني، و «الشرح الكبير» للإمام الرافعي، هذه عُمَدُ المذهب، والمتداولة بين أهله كلما لاح نسيم العلم وهب، والمستضاء بنورها كلما أظلم من المشكلات غيهب» (١).
* «وبهذا وأشباهه يتبين لك أنه لا يُعتمد على الفتاوى في الوقائع الجزئية كما يُعتمد على الكتب المصنفة، فإنَّ الفتيا قد تختص بواقعة لأمر ما رآه المفتي فيها، فلا يلحق بها غيرها، وقد قدمنا عن الشيخ الإمام ﵀ ما يؤيد ذلك، وكم من مقالة ضعيفة يختارها العالم في حادثةٍ خاصة، إما لتخفيف أو تغليظ بحسب تقارب تلك الحادثة أو بشاعتها، فلا يؤخذ من ذلك ذهابه إلى القول بها مطلقاً»(٢).
* «حكى لي شيخنا ابن الرفعة أنه دخل على ابن دقيق العيد يوما، وكان كثير الكتب، فوجد بين يديه فتيا، وهو يُقَلِّب الكتب ظهراً لبطن، وقد سئم من الكشف، وأعوزه النقل، وأضجره التعب، فقال لي: الله جاء بك، ما تقول في كيت وكيت؟ فذكر له مسألةً من أوضح مسائل «التنبيه»، قال: فأمسكت طويلًا، فقال لي: ما بالك؟ فقلتُ: السائل عظيم، لا يَسأَلُ إلا عن مُشْكِل، وهذه في بادئ الرأي واضحةٌ، فأنا أردد فكري في موضع الإشكال منها، فقال: لا والله، إنما هي فتيا وردت علي وأعوزني النقل فيها، فقلت: هي في «التنبيه»، وقرأتُ لفظه عليه» (٣).
(١) انظر (ص/ ٧٣٢). (٢) انظر (ص/ ٧١٩). (٣) انظر (ص/ ٥١٠).