قلت: ويظهر وجه عدم إنكاره من سياق كلام ابن زنجويه.
قال ابن زنجويه في الأموال (٢٠٢٨): «وأما حديث سعد بن أبي ذباب، فإنه أخبرك أنه هو الذي قال لهم: في العسل زكاة، فإنه لا خير في مال لا يزكى، ولم يذكر أن عمر أمره بذلك، فإنما وجه ذلك عندنا: أنه وإياهم هم الذين رأوا ذلك، وتطوعوا به، فقبله عمر منهم، كما قبل صدقة الخيل والرقيق من الذين تطوعوا بها، ورزقهم مثلها».
قلت: وكذلك لم يأمره النبي ﷺ بصدقة العسل لما استعمله على قومه، ولا أبو بكر، وإنما فعل ذلك من قِبَل نفسه في عهد عمر، بل هو القائل: يا رسول الله اجعل لقومي ما أسلموا عليه من أموالهم، ففعل رسول الله ﷺ، وهذا من أكبر الدلائل على أن رسول الله ﷺ عفا لهم عن صدقة العسل، ولم يأمرهم بها؛ وهذا كله بناءً على فرض صحة الحديث.
وقال أبو القاسم البغوي:«ولا أعلم لسعد بن أبي ذباب مسنداً غير هذا».
وقال الأزدي: «منير: لا يحتج بخبره، هو ضعيف [الضعفاء لابن الجوزي (٣/ ١٤٢)، الميزان (٤/ ١٩٣)، البدر المنير (٥/ ٥٢٣)].
وقال العقيلي: وفي رواية أخرى عن عمر أصلح من هذه الرواية، من غير هذا الوجه».
وقال ابن عدي:«وهذا الحديث هو الذي أراده البخاري؛ أن والد منير بن عبد الله لم يسمعه من سعد بن أبي ذباب».
وقال ابن حزم في المحلى (٤/٣٨): «وعن منير بن عبد الله عن أبيه، وكلاهما: مجهول، وبعض رواته يقول: متين بن عبد الله، ولا يدرى من هو؟».
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (٢/ ٥٨٩): «سعد بن أبي ذباب: دوسي حجازي، روي عنه حديث واحد في زكاة العسل؛ بإسناد مجهول».
وقال ابن العربي في أحكام القرآن (٣/ ١٤٠) في حديث سعد هذا: «فإن صح هذا كان بطواعيتهم صدقة نافلة، وليس كلامنا في ذلك، وإنما نحن في فرض أصل الصدقة عليه، ولم يثبت ذلك فيه، والله أعلم».
قلت: هو حديث ضعيف؛ منير بن عبد الله، وأبوه مجهولان؛ لا يعرفان إلا في هذا الحديث، وقد أدخل عبد الله في الضعفاء تبعاً للبخاري: العقيلي، وابن عدي، ولم يذكرا له سوى هذا الحديث، وقال الأزدي:«منير: لا يحتج بخبره، هو ضعيف» [وانظر: الثقات (٧/ ٥١٤)، المؤتلف للدارقطني (٢/ ٩٧٤) و (٤/ ٢١٠٩)، المؤتلف لعبد الغني بن سعيد (١٨٤٢) الإكمال لابن ماكولا (٣/ ٣٠٨) و (٧/ ٢٢٥)، الضعفاء لابن الجوزي (٣/ ١٤٢)، الميزان (٤/ ١٩٣)، البدر المنير (٥/ ٥٢٣)، تعجيل المنفعة (١٠٧٣)، اللسان (٥/٤٤) و (٨/ ١٧٤)، الثقات لابن قطلوبغا (٦/ ١٦٦)].