وكل ما أريد به من الهبات وجه الله تعالى، بأنها تجري مجرى الصدقة في تحريم الرجوع فيها.
وأما الهبات إذا لم يقل الواهب فيها: الله، ولا أراد بهبته الصدقة المخرجة الله ﷿؛ فإن العلماء اختلفوا في ذلك اختلافاً كثيراً.
• وقد حمل بعضهم النهي الوارد عن شراء الصدقة، على الكراهة، لكن ظاهر النص يدل على التحريم، قال القرطبي في المفهم (٤/ ٥٨٠): «والأولى حمل النهي الواقع في الحديث المذكور عن الابتياع على التحريم»، ثم ذكر وجه كل مذهب، ثم قال:«والظاهر من ألفاظ الحديث ومساقه: التحريم، فاجمع ألفاظه وتدبر معانيها، يلح لك ذلك إن شاء الله تعالى».
وانظر: الحاوي للماوردي (٣/ ٣٣١)، التمهيد (٣/ ٢٥٨)، الاستذكار (٣/ ٢٥٥)، أعلام الحديث (٢/ ١٢٩٦)، المعونة للقاضي عبد الوهاب المالكي (١٦١٦)، نهاية المطلب (٣/ ٣٤٩)، بحر المذهب للروياني (١٠/ ٤١٥)، بدائع الصنائع (٦/ ١٣٢)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٧/ ٤٤٤)، التوضيح لابن الملقن (١٠/ ٥٧٠).
وهذا كله في النهي عن شراء الصدقة بعدما تملكها المتصدق بها عليه، وأما إذا ورث الصدقة، فعادت إليه بالميراث فلا حرج في ذلك، وقد حلت له، وسيأتي بيانه في باب من تصدق بصدقة ثم ورثها، الحديث رقم (١٦٥٦)، وهو عند مسلم برقم (١١٤٩).
* * *
[١٠ - باب صدقة الرقيق]
١٥٩٤ - قال أبو داود: حدثنا محمد بن المثنى، ومحمد بن يحيى بن فياض، قالا: حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عبيد الله، عن رجل، عن مكحول، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال:«ليس في الخيل والرقيق زكاة، إلا زكاة الفطر في الرقيق».
• حديث شاذ
أخرجه من طريق أبي داود البيهقي في السنن (٤/ ١١٧)، وابن عبد البر في التمهيد [(٣١/٤٤١/١٤٤٦٩) المصنف، (١٠/ ٥٦/ ١٤١٥٣) التحفة] (١٧/ ١٣٦).
قال البيهقي عن حديث مكحول هذا:«هذا هو الأصح وحديثه عن أبي الزناد: غير محفوظ، ومكحول لم يسمعه من عراك، إنما رواه عن سليمان بن يسار عن عراك».
وقال ابن عبد البر:«هذه الزيادة جاءت في هذا الحديث كما ترى، ولا ندري من الرجل الذي رواها عن مكحول؟ وإنما كنا نعرف هذه الزيادة لجعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك هذا؛ إن صحت عنه أيضاً». يعني: زيادة «إلا زكاة الفطر في الرقيق».