للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القيمة، وإنما كرهه لأنه يجر ولاءه بالعتق إلى نفسه، وقول أصحاب رسول الله أولى بالاتباع.

فكل هذه الآثار دليل على أن مبلغ ما يعطاه أهل الحاجة من الزكاة، ليس له وقت محظور على المسلمين أن لا يعدوه إلى غيره، وإن لم يكن المعطى غارماً، بل فيه المحبة والفضل، إذا كان ذلك على جهة النظر من المعطي بلا محاباة ولا إيثار هوى، كرجل رأى أهل بيت من صالح المسلمين أهل فقر ومسكنة، وهو ذو مال كثير، ولا منزل لهؤلاء يؤويهم ويستر خلتهم، فاشترى من زكاة ماله مسكناً يُكِنّهم من كلب الشتاء وحر الشمس، أو كانوا عراة لا كسوة لهم، فكساهم ما يستر عوراتهم في صلاتهم، ويقيهم من الحر والبرد، أو رأى مملوكاً عند مليك سوء قد اضطهده وأساء ملكته، فاستنقذه من رقه بأن يشتريه فيعتقه، أو مر به ابن سبيل بعيد الشقة، نائي الدار، قد انقطع به، فحمله إلى وطنه وأهله بكراء أو شراء.

هذه الخلال وما أشبهها التي لا تنال إلا بالأموال الكثيرة، فلم تسمح نفس الفاعل أن يجعلها نافلة، فجعلها من زكاة ماله، أما يكون هذا مؤدياً للفرض؟ بلى، ثم يكون إن شاء الله محسناً، وإني لخائف على من صد مثله عن فعله؛ لأنه لا يجود بالتطوع، وهذا يمنعه بفتياه من الفريضة، فتضيع الحقوق، ويَعطَبُ أهلها».

• وقد احتج ابن خزيمة على عدم التوقيت فيما يعطاه الفقير بحديث قبيصة بن مخارق الآتي بعد قليل:

قال ابن خزيمة (٤/ ٦٤): «باب صدقة الفقير الذي يجوز له المسألة في الصدقة، والدليل على أن لا وقت فيما يعطى الفقير من الصدقة إلا قدر سد خلته وفاقته».

وقال أيضاً (٤/ ٦٥): «باب الرخصة في إعطاء من له ضيعة من الصدقة، إذا أصابت غلته جائحة أذهبت غلته؛ قدر ما يسد فاقته».

وقد تقدم نقل كلام بعض العلماء في أن لا توقيت فيما يعطاه الفقير من الصدقة، والضابط في ذلك: أن يعطى الفقير من الزكاة ما يقوم بكفايته، ويكون فيه غناه، وقد أحلت له المسألة حتى يعطى ما يقوم بكفايته، ويكون سداً لحاجته، ففي حديث قبيصة: مد إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد، والله أعلم [راجع: ما قبل الحديث رقم (١٦٣٤)، والحديث رقم (١٦٣٥)].

[٢٦ - [باب ما يجوز فيه المسألة]]

١٦٣٩ - شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن عقبة الفزاري، عن سمرة، عن النبي قال: «المسائل كُدوحٌ يَكدَحُ بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بُداً».

<<  <  ج: ص:  >  >>