للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النبي بعث عبد الله بن حذافة، وهو مرسل. قال: وقلت لأبي عبد الله: وحديث أبي رافع أن النبي بعثه يخطب ميمونة، قاله مالك، وقال مطر: عن أبي رافع؟ فقال: نعم، وذاك أيضاً.

قلت: تقدم عن أحمد بن حنبل أن: «أن» لا يقتضي الاتصال؛ بخلاف: «عن»، وهذان من ذاك، والله أعلم.

وتعقبه أبو زرعة العراقي في تحفة التحصيل (١٣٨): «قلت: ليسا من ذاك؛ كما أوضحه والدي في ألفيته وشرحها انتهى. وقال يحيى بن معين: لم يسمع من عبد الله بن حذافة. وقال أبو زرعة: حديثه عن عمر مرسل. قال العلائي: وقال البخاري: لم يسمع من سلمة بن بحر البياضي».

وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (٣/ ١١٢): وتعقبه ابن عبد البر بالانقطاع، بأن سليمان لم يسمع من أبي رافع، لكن وقع التصريح بسماعه منه في تاريخ ابن أبي خيثمة، في حديث نزول الأبطح. ورجح ابن القطان اتصاله، ورجح أن مولد سليمان سنة سبع وعشرين، ووفاة أبي رافع سنة ست وثلاثين، فيكون سنه ثمان سنين».

قلت: أما قول أحمد في عدم إدراك سليمان بن يسار لعبد الله بن حذافة، فلكون ابن حذافة توفي بمصر في خلافة عثمان، وكان سليمان إذ ذاك صغيراً بالمدينة، ولا يحتمل منه السماع، وأما أبو رافع: فإنه توفي بالمدينة، في خلافة علي بن أبي طالب [التهذيب (١٥/ ٢٥٨)]، وعليه فإن إدراكه وسماعه منه ممكن، وقد اختلف كثيراً في سنة وفاة سليمان، وفي مولده أيضاً، لذا فالعمدة على إثبات السماع في الأسانيد، لاسيما مع عدم وجود نفي قاطع للسماع من أحد الأئمة النقاد الكبار، وأما كلام أحمد فليس فيه نفي للسماع، على ما وقع في هذا الحديث بعينه من الاختلاف بين مطر الوارق، وبين مالك بن أنس، في الوصل والإرسال فقط، وأن قول مالك ومن تبعه في الإرسال هو الصواب، وأخطأ في وصله: مطر الوراق، والله أعلم.

• فائدة في مناهج وأصول وقواعد الأحناف:

• قلت: ومن العجائب: أن الأحناف قد جهدوا في إثبات الإرسال في حديث ميمونة، وحديث أبي رافع؛ لكي يردوا بذلك الأحاديث الدالة على تحريم نكاح المحرم، وهم من أكثر الناس احتجاجاً بالمرسل، وهذا تناقض منهم في الاحتجاج بالمرسل إذا وافق مذهب إمامهم، وترك الاحتجاج به إذا خالف مذهب إمامهم، قال ابن الهمام في فتح القدير (٢/ ٦٨ و ٢٤٤) و (٣/ ١٤١) و (٤/ ٢١٨) و (٥/٢٤ و ٢٦٧ و ٣٤٨) و (٦/٤)، والعيني في العمدة (٢/ ١٦٢) و (٣/٤٨) و (٦/ ٢٣٢) و (٩/٤): «المرسل حجة عندنا [بانفراده]»، بل ادعى بعضهم أن ذلك مذهب أكثر أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>