يعني: الراهب التارك للنكاح، يقول: لو نظر إلى هذه المرأة افتتن بها، والذي تعرفه العامة من الصرورة: أنه إذا لم يحج قط، وقد علمنا أن ذلك إنما يسمى بهذا الاسم؛ إلا أنه ليس واحد منهما يدافع الآخر، والأول أحسنهما وأعرفهما وأعربهما».
وقال أبو بكر ابن أبي شيبة:«الصرورة: الذي لم يحج قط» [المصنف (٣/ ١٩٤/ ١٣٣٧٢)] [وكذلك وقع في كثير من استعمالات المحدثين والفقهاء واللغويين].
وقال الطحاوي في المشكل (٣/ ٣١٩): «الصرورة في كلام العرب هو الصَّرُّ على الشيء، ومنه قول الله جل وعز: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٥] فمن كان تخلفه عن الحج ليس لإصراره على أن لا يحج، وإنما هو لعجز أو لما أشبهه مما يسقط به فرض الحج عنه، فليس صاحبه بمصر الإصرار المذموم، وإذا لم يكن مصراً لم يكن صرورة، … إلى أن قال: وكان ما ذكرناه من كراهة هذا القول أولى عندنا، لأنه وصف بحال مذمومة، والله نسأله التوفيق».
وقال الخطابي في المعالم (٢/ ١٤٥): «الصرورة: تفسر تفسيرين، أحدهما: أن الصرورة هو الرجل الذي قد انقطع عن النكاح، وتبتل على مذهب رهبانية النصارى، ومنه قول النابغة: لو أنها عرضت لأشم راهب … عبد الإله صرورة متلبد
والوجه الآخر: أن الضرورة هو الرجل الذي لم يحج، فمعناه على هذا: أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج؛ حتى لا يكون صرورة في الإسلام». وقال ابن فارس في مقاييس اللغة (٣/ ٢٨٤): «الصرورة: وهو الذي لم يحجج، والذي لم يتزوج، … ».
وقال البيهقي في المعرفة (٧/ ٣٥٧): «ومعناه - والله أعلم -؛ إن صح وصله ورفعه: إن سنة الدين ألا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج، حتى لا يكون صرورة في الإسلام، وقد قيل: إن الصرورة: هو الرجل الذي قد انقطع عن النكاح، وتبتل على مذهب رهبانية النصارى؛ فنهي عن ذلك».
وقال القاضي عياض في المشارق (٢/٤٢): «قوله: «لا صرورة في الإسلام» أي: لا تبتل وتركاً للنكاح، والصرورة أيضاً: الرجل الذي لم يحج بعد، وكذلك المرأة».
* * *
[٤ - باب التزود في الحج]
١٧٣٠ - قال أبو داود حدثنا أحمد بن الفرات - يعني: أبا مسعود الرازي -، ومحمد بن عبد الله المخَرِّمي، وهذا لفظه، قالا: حدثنا شبابة، عن ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كانوا يحجون ولا يتزودون.
قال أبو مسعود: كان أهل اليمن أو: ناس من أهل اليمن يحجون ولا