وإنما منعه من الذي حمله عليها؛ لكراهية أن يعود إلى ملكه شيء، قد أخرجه من ملكه إلى الله ﷿ بإعادته إياه إلى ملكه، ومنهم الحاج المنقطع بهم، فيدفع إليهم منها ما يستعينون على حجهم، ويكون الذي يدفع إليهم من ذلك ملكاً لهم على مثل ما ذكرنا فيما يدفع إلى المجاهدين في سبيل الله، وقد روي عن ابن عمر ﵄ مثل هذا.
حدثنا يونس، قال: حدثنا أسد قال: حدثنا شعبة، عن أنس بن سيرين، قال: أوصى إليَّ رجل بماله وقال: اجعله في سبيل الله، فسألت ابن عمر ذلك، فقال: إن الحج من سبيل الله ﷿، فاجعله منه».
• قلت: وأثر ابن عمر هذا رواه أيضاً: وكيع بن الجراح، وعلي بن الجعد، عن شعبة به مثله، وقال ابن الجعد في آخره: «فاجعله فيه».
أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ٢٢٠/ ٣٠٨٤٠)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (١١٥١)، والبيهقي (٦/ ٢٧٥).
وهو موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
وله طرق كثيرة، انظر مثلاً: ما أخرجه أبو إسحاق الفزاري في السير (٢١١ - ٢١٥)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (١٩٧٧)، والدارمي (٣٦٢٢ و ٣٦٢٣)، والبخاري في التاريخ الكبير (٧/ ٥٢)، والبيهقي (٦/ ٢٧٥)، وانظر: فضل الرحيم الودود (١٤/ ٤٢٤).
وقد احتج به أحمد فقال في مسائل ابنه عبد الله (٥٦١): «يعطى من الزكاة في الحج؛ لأنه من سبيل الله، وقال ابن عمر: الحج من سبيل الله».
وقال ابن خزيمة (٤/ ٧٢): «باب الرخصة في إعطاء من يحج من سهم سبيل الله، إذ الحج من سبيل الله».
وقال أيضاً (٤/ ١٣٠): «باب الرخصة في الحج على الدواب المحبسة في سبيل الله».
• وقال ابن بطال في شرحه على البخاري (٥/ ١٥٧): «وفيه: أنه من حمل على فرس في سبيل الله وغزا به؛ فله أن يفعل به بعد ذلك ما يفعل في سائر ماله، ألا ترى أن رسول الله ﷺ لم ينكر على بائعه بيعه، وإنما أنكر على عمر شراءه.
واختلف العلماء فيمن حمل على فرس في سبيل الله، ولم يقل: هو حبس في سبيل الله، فروى مالك، عن ابن عمر؛ أنه كان إذا أعطى شيئاً في سبيل الله يقول لصاحبه: إذا بلغت به وادي القرى فشأنك به. قال أحمد بن حنبل: إنما قال ذلك ابن عمر؛ لأنه كان يذهب إلى أن المحمول عليه إنما يستحقه بعد الغزو. وكذلك قال سعيد بن المسيب: إذا أعطي الرجل الشيء في الغزو فبلغ به رأس مغزاته، فهو له. وهو قول القاسم، وسالم، والثوري، والليث، … »، إلى آخر ما قال في ذكر الاختلاف.
• وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٧/ ٢٣٦): «ولا أعلم خلافاً بين العلماء: أن الصدقة لا رجوع فيها للمتصدق بها».