للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله: حُمِى له الوَادِى، معناه: أن النحل إنما ترعى من البقل والنبات أنوارها، وما رَخَّصَ ونَعَّمَ منها، فإذا حُمِيَتْ مراعيها أقامت فيها، وأقبلت تعسل في الخلايا، وكثرت منافع أصحابها، وإذا شُورِكَتْ في تلك المراعي نفرت عن تلك المواضع، وأمعنت في طلب المرعى فيكون ريعها حينئذ أقل.

وقد يحتمل ذلك وجهًا آخر، وهو أن يكون ذلك بأن يُحمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه، فلا يترك أحد أن يتعرض للعسل فيشتاره، وذلك أن سبيل العسل سبيل المياه والمعادن والصيد، وليس لأحد عليها مُلْكٌ، وإنما تُمَلَّكُ باليد لمن سبق إليها، فإذا حمى له الوادي ومنع الناس منه حتى يجتازه هؤلاء القوم، وجب عليهم بحق الحماية إخراج العشر منه، ويدل على صحة هذا التأويل قوله: فإنما هو ذُبَابُ غيث يأكله من شاء.

ومعنى هذا الكلام: أن النحل إنما تتبع مواقع الغيث وحيث يكثر المرعى، وذلك شأن الذباب، لأنها تألف الغياض والمكان المعشب.

وقال ابن العربي في العارضة (٣/ ٢٠٣): «وهذا لا يوجب فيه - لو صح - زكاة، وإنما هو شيء تطوع به ذلك الوافد».

وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٤٨): «وإسناده صحيح إلى عمرو، وترجمة عمرو قوية على المختار؛ لكن حيث لا تعارض، وقد ورد ما يدل على أن هلالاً أعطى ذلك تطوعاً».

• يعني بذلك ما رواه:

صالح بن دينار؛ أن عمر بن عبد العزيز، كتب إلى عثمان بن محمد [هو: عثمان بن محمد بن أبي سويد] ينهاه أن يأخذ من العسل صدقة؛ إلا أن يكون النبي أخذهَا، فجمع عثمان أهل العسل فشهدوا أن هلال بن سعد جاء رسول الله بعسل، فقال: «ما هَذِهِ؟»، فقال: هدية، فقال: هدية، فأكل النبي ، ثم جاء مرة أخرى، فقال: «ما هَذِهِ؟»، قال: صدقة، فأخذها النبي فأمر برفعها، ولم يذكر النبي عند ذلك عُشورًا فيها، ولا نصف عشور، إلا [أنه] أخذها، فكتب بذلك عثمان إلى عمر بن عبد العزيز؛ فكتب: فأنتم أعلم، فكنا نأخذ ما أعطونا من شيء، ولا نسأل عشورًا، ولا شيئًا، ما أعطونا أخذنا.

أخرجه عبد الرزاق (٤/ ٦١/ ٦٩٦٧) (٤/ ٣٧١/ ٧١٨٥ - ط التأصيل)، والطحاوي في أحكام القرآن (٧١٢) ووقع عنده: عروة بن محمد، بدل: عثمان بن محمد. [المسند المصنف (٥/ ١٤١/ ١٦٨٠٨)].

قال ابن عبد البر في الاستيعاب (٤/ ١٥٤٣): «وحديثه هذا منقطع الإسناد، من رواية ابن جريج عن صالح بن دينار، ذكره ابن المبارك عن ابن جريج».

قلت: لا ندري من صالح بن دينار هذا، وليس هو المترجم له في التاريخ الكبير ولا الجرح والتعديل والثقات، ولا غيرها من كتب التراجم [التاريخ الكبير (٤/ ٢٧٧) و (٤/ ٢٧٨)، الجرح والتعديل (٤/ ٤٠٠)، الثقات (٤/ ٣٧٤)، الميزان (٢/ ٢٩٤)، التهذيب (٢/ ١٩٣)]، ولا يُدْرَى لقي عمر بن عبد العزيز أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>