منتثراً في أرضهم، فلما لم يصل إلينا بإسناد صحيح، أو بكتاب محفوظ عن معاذ في أخذ زكاة العسل منهم، دل على كون حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في زكاة العسل: حديثاً غير محفوظ.
• بل قد ثبت عن عمرو بن دينار، وإبراهيم بن ميسرة، كلاهما عن طاووس؛ أتي معاذ بوقص البقر والعسل، فقال: لم يأمرني النبي ﷺ فيهما بشيء. وهذا مرسل بإسناد صحيح [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٥٧٨)].
أما حديثه في أوقاص البقر فهو ثابت؛ لمجيء أصله في زكاة البقر من حديث مسروق عن معاذ متصلاً، فيصح به، وأما زكاة العسل وأن النبي ﷺ لم يأمر فيها بشيء: فهو محفوظ أيضاً، حيث لم يثبت في الأمر بزكاة العسل حديث.
وثبت أيضاً: عن عبيد الله بن عمر عن نافع، قال: سألني عمر بن عبد العزيز عن صدقة العسل، قال: قلت: ما عندنا عسل نتصدق منه، ولكن أخبرنا المغيرة بن حكيم [الصنعاني: تابعي، ثقة، من الطبقة الرابعة]؛ أنه قال: ليس في العسل صدقة.
فقال عمر: عدل مرضي، فكتب إلى الناس أن توضع؛ يعني: عنهم.
وهذا مقطوع على عمر بن عبد العزيز بإسناد مدني صحيح، ويأتي تخريجه.
• وثبت عن عمر بن عبد العزيز من وجه آخر أنه لم يأخذ الصدقة من العسل:
• فقد روى مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم؛ أنه قال: جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى: أن لا تأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة.
وهذا إسناد صحيح إلى عمر بن عبد العزيز مقطوعاً عليه [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٥٦٢)].
وهكذا فإن مالكاً لم ينقل لنا عن أهل المدينة أن أحداً أخذ الزكاة من العسل، بل نقل العمل على عدم أخذ الزكاة منه.
• وقد تتابع الأئمة النقاد على تضعيف الأحاديث الواردة في زكاة العسل:
قال الزعفراني: قال أبو عبد الله الشافعي: «الحديث في أن في العسل العشر: ضعيف، وفي أن لا يؤخذ منه العشر: ضعيف؛ إلا عن عمر بن عبد العزيز، واختياري: أنه لا يؤخذ منه؛ لأن السنن والآثار ثابتة فيما يؤخذ منه، وليست فيه ثابتة، فكأنه عفو» [السنن الكبرى للبيهقي (٤/ ١٢٧)، المعرفة (٦/ ١٢٠/ ٨٢٠٥)].
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٣/ ٢٤٠): «ضعف أحمد بن حنبل الحديث المرفوع عن النبي ﷺ، أنه أخذ منه العشر».
وقال الترمذي: «ولا يصح عن النبي ﷺ في هذا الباب كبير شيء».
وقال البخاري: «وليس في زكاة العسل شيء يصح».
وقال العقيلي: «وأما زكاة العسل: فليس يثبت فيه عن النبي ﷺ شيء».
