للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقد قال أحمد بن حنبل إمام الجماعة: له أشياء مناكير».

وقال ابن حبان في المجروحين (٢/ ٧٣): «إذا روى عمرو بن شعيب عن طاوس وابن المسيب عن الثقات غير أبيه؛ فهو ثقة، يجوز الاحتجاج بما يروي عن هؤلاء، وإذا روى عن أبيه عن جده: ففيه مناكير كثيرة لا يجوز الاحتجاج عندي بشيء رواه عن أبيه عن جده، … »، إلى أن قال: «ولولا كراهة التطويل لذكرت من مناكير أخباره التي رواها عن أبيه عن جده أشياء يستدل بها على وهن هذا الإسناد، … »، ثم ذكر بعض مناكيره، وكلها من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب به، ثم قال: «في نسخة كتبناها عنه طويلة، لا ينكر من هذا الشأن صناعته أن هذه الأحاديث موضوعة أو مقلوبة، وابن لهيعة: قد تبرأنا من عهدته في موضعه من هذا الكتاب»، ولم يخرج له ابن حبان هذا الحديث في صحيحه.

وأما ابن خزيمة فإنه لم يجزم بصحة هذا الحديث عنده، فترجم له بقوله: «باب ذكر صدقة العسل؛ إن صح الخبر؛ فإن في القلب من هذا الإسناد».

كما نقول في ذلك أيضا، ما قاله أبو عبيد في زكاة الحلي: حيث قال في الأموال (١٢٩١) عن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في زكاة الحلي: «إن هذا الحديث لا نعلمه يروى إلا من وجه واحد، بإسناد قد تكلم الناس فيه قديما وحديثا».

وكان مما علل به كلامه في رد الأئمة لهذا الحديث؛ أن قال: «ولو كانت الزكاة في الحلي فرضا كفرض الرقة؛ ما اقتصر النبي على أن يقول لامرأة يخصها به عند رؤيته الحلي عليها دون الناس، ولكان هذا كسائر الصدقات الشائعة المنتشرة عنه في العالم من كتبه وسنته، ولفعلته الأئمة بعده.

وقد كان الحلي من فعل الناس في آباد الدهر، فلم نسمع له ذكرا في شيء من كتب صدقاتهم».

قلت: وهذه حجة بالغة في رد حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في زكاة الحلي، وإن ثبت الإسناد إلى عمرو بن شعيب نفسه، إذ لو كانت هذه الزكاة واجبة على المسلمين لانتشر العمل بها لا سيما بالمدينة، ولنقل ذلك العمل إلينا مالك في موطئه، لكنه على العكس من ذلك؛ نقل مالك العمل على عدم إخراج زكاة الحلي، عن عائشة وعبد الله بن عمر، بأسانيد صحيحة كالشمس، وكذلك لم ينقل العمل به في سائر الأمصار من قبل الصحابة، سوى الشيء اليسير، بل احتج أحمد بعمل خمسة من الصحابة، أنهم لا يرون في الحلي زكاة [راجع: الحديث المتقدم برقم (١٥٦٣)].

ويقال مثل هذا هنا في زكاة العسل، فلو كانت زكاة العسل فريضة واجبة على العباد؛ لما أجاز النبي قبولها من بني متعان وحدهم، وهم بطن من فهم؛ لما جاؤوا بها مقابل حماية وادييهم، ولفرضها رسول الله على عامة أهل اليمن دون مقابل، ولأمر معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري بأخذ زكاة العسل من أهل اليمن بعامة؛ إذ كان العسل عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>