للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القيم في الزكاة. هذا قولنا، وقول الشافعي . وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك.

والدلالة على صحة قولنا: ما رواه ابن وهب، عن سليمان بن بلال، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء، عن معاذ؛ أن رسول الله لما بعثه إلى اليمن قال له: «خذ الحب من الحب، والغنم من الغنم، والبقر من البقر، والإبل من الإبل».

ففي هذا دليلان:

أحدهما: تعيينه ما يؤخذ من كل جنس يفيد إيجاب ذلك، وأنه متى أخرج غيره لم يجزئه.

والثاني: أنه لما ساق الجميع على أخذ الجنس من الجنس، نبه بذلك على كون المنصوص عليه مستحقا للأخذ، لكونه من الجنس، وذلك مانع من أخذ القيمة.

ويدل عليه أيضا قوله : «في خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم توجد فابن لبون ذكر»، ففي هذا الخبر أدلة:

أحدها: أنه عين بنت مخاض، فوجب بذلك انحتامها، وأن لا يجزئ غيرها.

والثاني: أنه شرط في جواز إخراج ابن لبون عدمها، ومخالفنا يجوز ذلك مع وجودها، وفي ذلك إسقاط الخبر.

والثالث: أنه عين ما يخرج عند عدمها، ولو كان إخراج القيمة جائزا لكان لا معنى للتعيين.

والرابع: أن النبي علق الجواز على إخراج ما يسمى ابن لبون، فاقتفى ذلك تعلق الإجزاء بإخراج ما تناوله الاسم.

ومخالفنا يراعي في ذلك أن تكون قيمته مثل قيمة بنت مخاض، من غير اعتبار بالاسم، وهذا خلاف ما راعاه النبي .

وقال في المعونة (٣٨٦): «فشرط في جواز أخذه عدم ابنة مخاض، فدل على منعه مع وجودها، ولأن كل حق تعلق بما نقل منه إلى غيره بشرط عدم المنقول عنه؛ فلا يجوز الانتقال إليه مع وجود أصله، اعتبارا بالكفارات». [وانظر أيضا: الحاوي (٣/ ١٨٠)].

وقال ابن حزم في المحلى (٤/ ١١٦): «وقال أبو حنيفة وأصحابه - إلا رواية خاملة عن أبي يوسف -: إن من لزمته بنت مخاض فلم تكن عنده فإنه يؤدي قيمتها، ولا يؤدي ابن لبون ذكرا. وقال مالك، والشافعي، وأبو سليمان: يؤدي ابن لبون ذكرا. وهذا هو الحق، وقول أبي حنيفة خلاف لرسول الله ، وأصحابه ، ومن عجائب الدنيا قولهم:

إن أمر النبي بأخذ ابن لبون مكان ابنة المخاض إنما أراد بالقيمة، فيا لسهولة الكذب على رسول الله جهارا علانية! فريب الفضيحة على هؤلاء القوم، وما فهم قط من يدري العربية أن قول النبي : فيها ابنة مخاض؛ فإن لم تكن عنده ابنة مخاض على وجهها، وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس [عليه] شيء؛ يمكن أن يريد به بالقيمة، وهذا أمر مخجل جدا، وبعد عن الحياء والدين، … ».

<<  <  ج: ص:  >  >>