للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

زكاة فيها إذ قد حبسها، ففيه على هذا إثبات زكاة التجارة، وهو قول عامة العلماء خلافا لبعض المتأخرين، وقد حكى ابن المنذر فيه الإجماع، وفيه على الجملة دليل على جواز التحبيس، وهو قول كافة العلماء، خلافا للكوفيين في إبطاله، … ، وذكر بعضهم أن النبي خص خالدا بما وجب عليه من الصدقة بما حبسه، وهذا على من جعل هذه الصدقة صدقة تطوع.

قال الخطابي في أعلام الحديث (٢/ ٧٩٥): «قوله: «إنكم تظلمون خالدا، قد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله»؛ يتأول على وجوه:

أحدها: أنه قد اعتذر لخالد، ودافع عنه، يقول: إذا كان خالد قد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله تبررا، وتقربا إليه، وذلك غير واجب عليه، فكيف يجوز عليه منع الصدقة الواجبة عليه؟

والوجه الثاني: أن خالدا إنما طولب بالزكاة عن أثمان الأدرع والأعبد على معنى أنها كانت عنده للتجارة، فأخبر النبي أنه لا زكاة عليه فيها؛ إذ قد جعلها حبسا في سبيل الله.

وفي ذلك: إثبات الزكاة في الأموال التي ترصد للتجارة، وقد أوجبها عامة الفقهاء، غير أن بعض المتأخرين خالف في ذلك وهو كالشذوذ منه [وقال في المعالم (٢/ ٥٣) بعبارة أخرى: «وهو كالإجماع من أهل العلم، وزعم بعض المتأخرين من أهل الظاهر أنه لا زكاة فيها وهو مسبوق بالإجماع»] … .

والوجه الثالث: قد أجاز لخالد أن يحتسب بما قد احتبسه من الأدراع والأعبد في سبيل الله من الصدقة التي أمر بقبضها منه، وذلك لأن أحد أصناف المستحقين للصدقات في سبيل الله هم المجاهدون، فصرفها في الحال إليهم كصرفها في المال.

وفيه على هذا الوجه: دليل على جواز أخذ القيمة عن أعيان الأموال، ووضع الصدقة في صنف واحد من الأصناف.

وقال ابن الجوزي في كشف المشكل (٣/ ٥١٧): فيه أربعة أقوال: أحدها: أنه اعتذر لخالد، فكأنه يقول: من تبرع بما لا يجب من الوقف كيف يبخل بالواجب عليه؟

والثاني: أن يكون خالد طولب بالزكاة عن أثمان الدروع والأعبد؛ لكونها من مال التجارة، فأخبر النبي أنه لا زكاة عليه، لأن المزكى قد خرج عن يده والثالث: أن يكون خالد قد تصدق بتلك الدروع والأعبد على المجاهدين على وجه القيمة في الزكاة فحسبها له.

والرابع: أن لفظ هذا الحديث الأول: أمر رسول الله بصدقة، وظاهر هذا يدل على أنها تطوع فلذلك عذره».

وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (١/ ٣٨٢): «فقيل في جوابه: يجوز أن يكون لأجاز لخالد أن يحتسب ما حبسه من ذلك فيما يجب عليه من الزكاة؛ لأنه في سبيل الله، حكاه القاضي … ، قال: وعلى هذا يجوز إخراج القيم في الزكاة، وقد أدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>