للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وحاشا الله أن يقول معاذ هذا، فيجعل ما لم يوجبه الله تعالى خيراً مما أوجبه».

وقال أبو المظفر السمعاني في الاصطلام في الخلاف بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة (٢/ ٧٨) [بتصرف]: «والأصحاب قالوا: المراد من الصدقة الجزية، وسميت صدقة على طريق المجاز، كما كان يسمى المأخوذ من بني تغلب صدقة وقد كان جزية، بدليل أن معاذاً أخبر أنه ينقلها إلى المدينة، ولم يكن من مذهبه جواز النقل في الصدقات، ولأنه ذكر الهجرة والنصرة في الإشارة إلى الاستحقاق بهما، والجزية تستحق لهما لا الصدقة».

وقال ابن قدامة في المغني (٣/ ٨٨): «وحديث معاذ الذي رووه في الجزية، بدليل أن النبي أمره بتفريق الصدقة في فقرائهم، ولم يأمره بحملها إلى المدينة، وفي حديثه هذا: فإنه أنفع للمهاجرين بالمدينة».

قلت: هو حديث مرسل بإسناد صحيح.

وهو حديث غير محفوظ في أخذ القيمة في الزكاة المفروضة؛ حيث لم يتابع على روايته طاووس، ولعله كان في الجزية كما جزم به جماعة، وهو الأشبه.

فقد ثبت عن معاذ أنه كان يأخذ القيمة في الجزية دون الزكاة المفروضة.

فقد روى جماعة من الحفاظ عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ ؛ بعثه النبي إلى اليمن وأمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين بقرة تبيعاً، ومن كل أربعين بقرةً بقرةً مسنةً، ومن كل حالم ديناراً، أو عَدلَه مَعافِرَ.

وفي رواية: أن رسول الله بعثه إلى اليمن، وأمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً أو عدله معافر، ومن البقر من ثلاثين تبيعاً أو تبيعة، ومن أربعين مسنة.

وهو حديث صحيح [تقدم تخريجه برقم (١٥٧٨) والمعافر: ثياب تكون باليمن.

قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله [يعني: أحمد بن حنبل]: يؤخذ في الجزية غير الذهب والفضة؟ قال: نعم، دينار أو قيمته معافر [أحكام أهل الملل (٢٤٥)].

وفي رواية أحمد بن القاسم، أنه قال لأبي عبد الله فيؤخذ منهم مكان الدينار عروض على مثل ما فعل معاذ؟ قال: «نعم، إذا كان ذلك أسهل عليهم» [أحكام أهل الملل (٢٤٦)]

كما احتج به ابن المنذر في أخذ الجزية من عرب أهل الكتاب، وأن لا جزية على النساء والصبيان، وفي جواز أخذ العروض مكان الذهب في الجزية [الإشراف (٤/٣٨ و ٤٣ و ٥٠)]

كما ثبت أن معاذاً أمر أن يرد الصدقة على فقرائهم، ولم يؤمر بحملها إلى المدينة، فقد أخرج الشيخان من حديث زكريا بن إسحاق المكي، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس؛ أن رسول الله بعث معاذاً إلى اليمن، فقال: «إنك تأتي قوماً أهل كتاب، … »، فذكر الحديث، إلى أن قال: «فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً

<<  <  ج: ص:  >  >>