وأما العشري: فما تسقيه السماء، لا اختلاف فيه، وهو الذي يسميه العامة: العدوي.
وأما الغيل: فكل ماء جار كماء الأنهار، والعيون، والقنى، والكظائم، وهي نحو من القنى.
وكذلك الفتح، وهو مثل الغيل، وإنما سمي: فتحا؛ لتشقيق أنهاره في الأرض، وفتح أفواهها للشرب. فهذه كلها أسقاء العشر.
وأما النواضح: فالإبل التي تستقي لشرب الأرضين، وهي السواني بأعيانها.
وكذلك الغرب، إنما هو دلو البعير الناضح.
وكذلك الرشاء، إنما هو حبله الذي يستقى به. فالمعنى في النواضح، والسواني، والغروب، والرشاء واحد. وأما الدالية فهي هذه الدلاء الصغار التي تديرها الأرحاء، وكذلك الناعورة هي مثلها. فهذه أسقاء نصف العشر.
وإنما نقصت عن مبلغ تلك في الصدقة؛ لما في هذه من المؤونة على أهلها، والعلاج الذي لا يلزم أولئك مثله. وإنما يجب على هذا العشر، أو نصف العشر، بعد بلوغ ما تخرج الأرض خمسة أوسق فصاعدا، بذلك جاءت السنة والآثار [الأَمْوَالِ لأَبِي عُبَيْد (١٤٢١)، وتتبعه على ذلك: ابن زنجويه في الأموال (١٩٧٥)].
وقال ابن قتيبة في إصلاح غلط أبي عبيد (٥٤): «سمي عشريا؛ لأنهم يجعلون في مجرى السيل عاثورا، فإذا صدمه الماء تراد فدخل في تلك المجاري، وجرى حتى يبلغ النخل ويسقيه، ولا يكون عشريا إلا هكذا»، وبين أن العدوي ينقسم إلى قسمين: العشري والبعل.
وقال الخطابي في أعلام الحديث (٢/ ٨١٤): «العشري: هو البعل الذي يشرب بعروقه من غير سقي، جعل ﷺ الصدقة فيما تخف مؤنته على الضعيف، وفيما لا تخف على النصف، رفقا بأرباب الأموال والفقراء، ونظرا لهم في الوجهين معا» [وَانْظُر: مَعَالِم السُّنَن (٢/٤١)].
وقال ابن عبد البر: قال النضر بن شميل: البعل ماء المطر، وقال يحيى بن آدم: البعل ما كان من الكروم والنخل فذهب عروقه في الأرض إلى الماء، ولا يحتاج إلى السقي الخمس سنين والست، تحتمل ترك السقي، قال: والعشري ما يزرع على السحاب، ويقال له: العثير، لأنه يزرع على السحاب ولا يسقي إلا بالمطر خاصة، ليس يسقي بغير ماء المطر، قال يحيى: وفيه جاء الحديث: ما سقي عشريا أو غيلا، قال يحيى: والغيل: سيل دون السيل الكثير، قال: والسيل ماء الوادي إذا سال، وما كان دون السيل الكثير فهو غيل، وقيل: الغيل: الماء الصافي دون السيل الكثير، وقال ابن السكيت: الغيل: الماء الجاري على الأرض، وأما النضح والناضح: فهي بقر السواني، والرشاء: حبل البئر، والدلو والدالية: الخطارة عندنا، والغرب: الدلو، وقد جاء في الحديث: ما سقي بالغرب، أو كان عشريا، أو سقي نضحا، أو سقي سيحا [التَّمْهِيد (٢٤/ ١٦٥)].