هو عن أنس، رواه أبو مطيع البلخي، وهو مجهول، عن أبي حنيفة، عن أبان، وهو متروك، عن رجل عن رسول الله ﷺ.
قلت: هو حديث باطل موضوع كذب؛ تفرد به أبو مطيع الخراساني البلخي، الحكم بن عبد الله بن مسلمة: فقيه بصير بالرأي، من أصحاب أبي حنيفة، لكنه: متروك الحديث، كذبه أبو حاتم، واتهم بالوضع، جهمي خبيث [المجروحين (٢/ ١٠٣)، الكامل (٢/ ٢١٤)، تاريخ بغداد (٨/ ٢٢٣)، تاريخ الإسلام (١٣/ ١٥٨)، اللسان (٣/ ٢٤٦)، وغيرها]، ويكفي في بيان بطلانه إعراض المصنفين جميعاً عنه، وكأن أبا مطيع البلخي هذا وضعه لأبي حنيفة نصرة لمذهبه، والله أعلم.
وأحاديث الباب: حديث ابن عمر، وحديث جابر، لم يشتملا على هذه الزيادة؛ والتي يردها ويدل على بطلانها أيضاً: حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» [أخرجه البخاري (١٤٠٥ و ١٤٤٧)، ومسلم (٩٧٩)، وتقدم برقم (١٥٥٨)]
وحديث أبي سعيد الخدري هذا أصل في باب أنصبة الزكاة، وقد دل على أن نصاب ما يخرج من الأرض مما تجب فيه الزكاة: خمسة أوسق، وأنه لا زكاة فيما دون ذلك.
وهو حديث صحيح، متفق على صحته، مروي من طرق صحيحة كثيرة مشتهرة، وقد صححه جمع كبير من الأئمة، مثل: البخاري ومسلم والترمذي وأبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود وغيرهم، بل نقل الإجماع على قبوله والعمل بما دل عليه: قال الشافعي: «وبهذا نأخذ، ولا أعلم فيه مخالفاً لقيته».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٠/ ١٣٣): «هذا حديث صحيح الإسناد عند جميع أهل الحديث».
ومما يدل على كذب هذه الزيادة واختلاقها من رواه من حديث أبان بدونها: فقد رواه أبو بكر بن عياش [ثقة، صحيح الكتاب]، وأبو يوسف القاضي [يعقوب بن إبراهيم، صاحب أبي حنيفة، وهو: صدوق]:
عن أبان بن أبي عياش، عن أنس، قال: فرض رسول الله ﷺ فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالدوالي والسواني والغرب والناضح نصف العشر.
أخرجه أبو يوسف في الخراج (٦٥ - ٦٦)، ويحيى بن آدم في الخراج (٣٧١)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (١/ ٢٩٨).
قلت: أبان بن أبي عياش: متروك، منكر الحديث، رماه شعبة بالكذب.
وقد تقدم ذكره وله أيضاً ألفاظ أخرى راجعها في الشواهد، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.