للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في الآية لا يراد به فقط الزكاة الواجبة، مثل كون السورة مكية، ومثل كون الزكاة لا تخرج يوم الحصاد، وغير ذلك، فأسقط الاستدلال بالآية على أن التعيين المذكور فيها من أنواع الزروع والثمار يراد به الزكاة الواجبة، والله أعلم. [انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس (٤٢٤)، أحكام القرآن لابن الفرس (٣/٢٦)، وغيرهما].

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٠/ ١٥٣): «قد احتج الشافعي في إيجاب الزكاة بقول الله: ﴿وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١]، ونزع مالك بهذه الآية كما صنع الشافعي، فدل على أن الآية عندهم محكمة غير منسوخة، واتفقا جميعا على أن لا زكاة في الرمان، ثم اضطرب الشافعي في الزيتون، وكان يلزمهما إيجاب الزكاة في الزيتون والرمان بهذه الآية، فإن كان الرمان خرج باتفاق؛ فقد أبان بذلك أن الآية ليست على عمومها».

وقال الشنقيطي في أضواء البيان (١/ ٥٠٧) بعد كلام طويل: « … فقول أكثر أهل العلم بعدم الزكاة في الرمان يقوي القول بنسخ الآية، أو أنها في غير الزكاة المفروضة، والله تعالى أعلم».

قلت: كما أن أحاديث الباب إنما سيقت لبيان القدر الواجب من الزكاة مما فيه مؤنة، أو مما لا مؤنة فيه، لا لبيان العموم في كل ما أخرجت الأرض.

ولما أخرج البخاري في صحيحه (١٤٨٣) حديث ابن عمر المتقدم؛ عقبه بحديث أبي سعيد: «ليس فيما أقل من خمسة أوسق صدقة»، ثم قال: «هذا تفسير الأول، لأنه لم يوقت في الأول؛ يعني: حديث ابن عمر: «فيما سقت السماء العشر»، وبين في هذا، ووقت، والزيادة مقبولة، والمفسر يقضي على المبهم إذا رواه أهل الثبت، كما روى الفضل بن عباس؛ أن النبي لم يصل في الكعبة، وقال بلال: قد صلى، فأخذ بقول بلال، وترك قول الفضل».

وقال أيضا بعد حديث أبي سعيد (١٤٨٤): «هذا تفسير الأول إذا قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»، ويؤخذ أبدا في العلم بما زاد أهل الثبت، أو بينوا».

وقال ابن حزم في المحلى (٤/ ٥٨): «والعجب من تغليب أبي حنيفة الخبر: «فيما سقت السماء العشر» على حديث الأوسق الخمسة، وغلب قوله : «ليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة» على قوله : «في الرقة ربع العشر»، وعلى قوله : «ما من صاحب إبل لا يؤدي حقها»، وهذا تناقض ظاهر، وبالله تعالى التوفيق».

وقال البيهقي في الخلافيات (٤/ ٣٤٣) بعد حديث ابن عمر: «والقصد من هذا الخبر بيان ما يجب فيه العشر، أو نصف العشر، فأما بيان النصاب الذي يجب فيه العشر أو نصف العشر، فهو مستفاد من الأحاديث قبله»؛ يعني: حديث أبي سعيد وغيره.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٤/ ١٦٨): «أما قوله في هذا الحديث: «فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>