وأطراف الشام، فلم ينقل أنه أخذ زكاة شيء منه، ولو وجبت زكاته لنقلت عنه قولاً وفعلاً، كما نقلت زكاة النخل والكرم قولاً وفعلاً، ولأنه وإن كثر من بلاده فإنه لا يقتات منفرداً كالتمر والزبيب، وإنما يؤكل أدماً، والزكاة تجب في الأقوات، ولا تجب في الإدام».
وقال الزركشي في شرحه على الخرقي (٢/ ٤٧٣): «ثم اعلم أنه قد خرج من كلام الخرقي ﵀: الزيتون، لأنه لا ييبس، ولا يُدَّخر على حاله، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار أبي بكر، والقاضي في التعليق لفوات الشروط السابقة».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:«والتحقيق في مسألة إجماع أهل المدينة: أن منه ما هو متفق عليه بين المسلمين، ومنه ما هو قول جمهور أئمة المسلمين، ومنه ما لا يقول به إلا بعضهم. وذلك أن إجماع أهل المدينة على أربع مراتب: الأولى: ما يجري مجرى النقل عن النبي ﷺ، مثل نقلهم لمقدار الصاع والمد، وكترك صدقة الخضراوات والأحباس، فهذا مما هو حجة باتفاق العلماء» [مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٠٣)]. [انظر: البيان والتحصيل (١٧/ ٣٣٢)، المقدمات الممهدات (٣/ ٤٨١)، القواعد النورانية (١٣٢)، إعلام الموقعين (٤/ ٢٦٨)، البحر المحيط (٦/ ٤٤١)].
وقال الشنقيطي في أضواء البيان (٢/ ٢٦٥): «وأما مالك والشافعي رحمهما الله تعالى فحجتهما في قولهما: إنه لا زكاة غير النخل والعنب من الأشجار، ولا في شيء من الحبوب إلا فيما يقتات ويدخر، ولا زكاة في الفواكه ولا الخضراوات؛ لأن النص والإجماع دلا على وجوب الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وكل واحد منها مقتات مدخر، فألحقوا بها كل ما كان في معناها لكونه مقتاتاً ومدخراً، ولم يريا أن في الأشجار مقتاتاً ولا مدخراً غير التمر والزبيب؛ فلم يشاركهما في العلة غيرهما من الثمار، ولذا قال جماعة من أصحاب مالك بوجوبها في التين على أصول مذهب مالك؛ لأنه كالزبيب في الاقتيات والادخار.
وقال ابن عبد البر: الظاهر أن مالكاً ما كان يعلم أن التين كذلك، وأما الحبوب فيوجد فيها الاقتيات والادخار، فألحقا بالحنطة والشعير كل ما كان مقتاتاً مدخراً، كالأرز، والذرة، والدخن والقطاني، ونحو ذلك، فهو إلحاق منهما رحمهما الله للمسكوت بالمنطوق بجامع العلة التي هي عندهما الاقتيات والادخار؛ لأن كونه مقتاتاً مدخراً مناسب لوجوب الصدقة فيه؛ لاحتياج المساكين إلى قوت يأكلون منه ويدخرون».
ثم ذكر حجة أحمد على مذهبه في الكيل واليبس والبقاء، ثم قال:«أما دليل الجمهور، منهم: مالك والشافعي وأحمد ﵏؛ على أن الفواكه والخضراوات لا زكاة فيها فظاهر؛ لأن الخضراوات كانت كثيرة بالمدينة جداً، والفواكه كانت كثيرة بالطائف، ولم ينقل عنه ﷺ ولا عن أحد من أصحابه أنه أخذ الزكاة من شيء من ذلك».