والزبيب لما كان في معناهما [ونقله عنه: ابن العربي في المسالك شرح الموطأ (٤/ ١١٠)].
قال ابن أبي زيد في النوادر والزيادات (٢/ ١٠٨): «ومن المجموعة [يعني: لابن عبدوس]: قال ابن نافع، وعلي: قال مالك: والنبي ﷺ قد فسر ما أجمل الله من الزكاة في كتابه، فأخذ الزكاة من البر والشعير، فشبه العلماء بذلك ما أشبهه من الحبوب، فكان الأرز بالعراق أكثر من البر بها، والذرة باليمن أكثر».
وقال ابن عبد البر في الكافي (١/ ٣٠٤): «لا زكاة في شيء من الثمار غير النخل والكرم، دون ما سواهما مما ذكر في نص القرآن معهما من الرمان وغيره، وكذلك الجوز واللوز والتين وسائر ثمار الفواكه غيرها؛ إذا كانت لا تدخر للقوت غالباً، وما ادخر منها للقوت غالباً ففيه الزكاة عند المتأخرين البغداديين وغيرهم من المالكيين، وهو تحصيل مذهب مالك عندهم.
فعلى هذا تجب الزكاة في التين اليابس لأنه مقتات عند الحاجة ويدخر دائماً، وأما غير التين مما ذكرنا معه من الفواكه فلا يدخر إلا نادراً، ولا يكون قوتاً في الأغلب، والله أعلم» [وانظر أيضاً: الاستذكار (٣/ ٢٣٤)، كفاية الأخيار (١٧٣)].
قلت: لكن زكاته تختص بالقطر الذي هو فيه قوت دون غيره، كمثل قول مالك في زكاة الفطر:«يؤديها من كل ما تجب فيه الزكاة، إذا كان ذلك قوته» [النوادر والزيادات (٢/ ٣٠٣)، وانظر: مناهج التحصيل (٢/ ٣٨٦)]، وقال أبو الوليد الباجي في شرح حديث الفطرة:«وقوله: «صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر»، «أو» ها هنا على قول جماعة أصحابنا لا يصح أن تكون للتخيير، وإنما هي للتقسيم، ولو كانت للتخيير لاقتضى أن يخرج الشعير من قوت غيره، [بدلاً] من التمر مع وجوده، ولا يقول هذا أحد منهم، فتقديره: صاعاً من تمر على من كان ذلك قوته، أو صاعاً من شعير على من كان ذلك قوته» [المنتقى (٢/ ١٨٦)]، وأما من كان يتفكه بالتين ويتخذه فاكهة؛ فلا زكاة فيه عليه، كما كان هو الحال بالمدينة والطائف وما حولهما، إذ لم ينقل أن النبي ﷺ أمر بأخذ الزكاة منه، ولا أحد من الخلفاء بعده، والله أعلم.
- نعود بعد ذلك لسرد بقية أقوال الأئمة في المسألة:
• وقال ابن المنذر في الإجماع (٩٣): «وأجمعوا على أن الصدقة واجبة في: الحنطة والشعير، والتمر، والزبيب».
وقال في الإشراف (٣/٢٩): «أجمع عوام أهل العلم على أن الصدقة واجبة في: الحنطة والشعير، والثمر، والزبيب.
واختلفوا في وجوب الصدقة في سائر الحبوب والثمار.
فقالت طائفة: لا صدقة إلا في هذه الأربعة الأشياء، هذا قول: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والشعبي، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وابن المبارك، ويحيى بن آدم، وأبو عبيد.