وروى مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم؛ أنه قال: جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى: أن لا تأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة.
تقدم تخريجها تحت الحديث رقم (١٥٦٢).
• وروى ابن عيينة، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: ليس على الفرس الغازي في سبيل الله صدقة.
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٥٦٢)، وراجع هناك مصادر بقية الآثار].
• وقد احتج الأحناف بهذه الآثار عن عمر في إيجاب الزكاة في الخيل السائمة:
قال ابن المنذر في الإقناع (١١٣): «ولم يوجب أحد من فقهاء الأمصار زكاة في الخيل إلا أبا حنيفة؛ فإنه أوجبها في الخيل السائمة، فقال: إذا كانت سائمة ذكوراً وإناثاً ففي كل فرس دينار، وإن شاء قومها وأعطى عن كل مائتين خمس دراهم».
وقال ابن جرير في تهذيب الآثار (٢/ ٩٥٧ - مسند عمر) عن القائلين بقول الجمهور: «قالوا: وقد صح عنه ﷺ قوله: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة»، قالوا: فلا صدقة في شيء من ذلك، إذا كان لغير تجارة، كثر ثمنه أو قل، كما لا صدقة في دار يشتريها للسكنى، أو للإجارة ما كان ثمنها قليلاً كان أو كثيراً، قالوا: فإن قال لنا قائل: فإن عمر وعثمان ﵄ قد أخذا الصدقة من ذلك، قلنا له: إنهما أخذا ما أخذا من ذلك على غير سبيل الصدقة، بل على أن أهلها أحبوا أن يخرجوا من أموالهم بعضها لأهل الحاجة والمسكنة، وفي السبل التي سبيل الله [كذا، ولعلها: التي سبل الله] فيها الصدقات المفروضات، فسألوا إمامهم قبض ذلك منهم، وصرفه في السبل التي جعلوه فيها، إذ كان أقوم بذلك وأعرف بوجهه منهم، ففعل ذلك، قالوا: وذلك بين في الأخبار التي ذكرناها، وأنه على ما وصفنا قبض، قالوا: وبعد، ففي النقل المستفيض وتتابع أئمة المسلمين على تركهم توجيه السعاة والعمال على قبض صدقة الخيل والرقيق من أهلها، مع تركهم التواني في توجيه العمال والسعاة على قبض صدقة الإبل والبقر والغنم السائمة: أوضح البيان أن سبيل الخيل والرقيق بخلاف سبيل المواشي التي فيها الصدقة، وأن حكمها حكم سائر العروض التي لا صدقة فيها إذا لم تكن للتجارة».
ثم أفاض القول في نقض العلة التي اعتل بها الأحناف في إيجاب الزكاة في الخيل السائمة.
وقال ابن خزيمة في صحيحه (٤/٣٠)(٣/ ١٢٠ - ط التأصيل): «باب ذكر السُّنَّة الدالة على معنى أخذ عمر بن الخطاب عن الخيل والرقيق الصدقة، والدليل على أنه إنما أخذها منهم إذ جادت أنفسهم وكانت بإعطائها متطوعين بالدفع، لا أن الصدقة كانت واجبة على الخيل والرقيق، إذ الفاروق قد أعلم القوم الذين أخذ منهم صدقة الخيل والرقيق، أن النبي ﷺ والصديق قبله لم يأخذا صدقة الخيل والرقيق».